الحدث

الصحافة الجزائرية أمام تحدي استرجاع ثقة المواطن في مضامينها

أستاذ علوم الإعلام والاتصال، العيد زغلامي في حوار لـ" الرائد"

يرى أستاذ الإعلام، بكلية علوم الإعلام والإتصال العيد زغلامي، أن قطاع الصحافة في الجزائر يحتاج إلى قفزة نوعية، لافتا إلى أن التحدي الاكبر الذي ينتظر القطاع يبقى، "استرجاع ثقة المواطن فيما يبثه وينشره"، مشددا من خلال هذا الحوار الذي خص به "الرائد" على ضرورة أن يتحرر قطاع الإعلام الذي يحتفل هذا السبت بعيده الوطني، من المقاربات الضيقة والبروتوكولية التي قال إنها قد أساءت له كثيرا على حساب انشغالات المواطنين وعلى حساب تحديات المجتمع والدولة الجزائرية، معربا عن أمله في أن يقدم قانون الإعلام المنتظر الفصل فيه، حلولا لقضية التمويل من اجل إنقاذ القطاع من الأزمة التي يتخبط فيها.

 ونحن نحتفل باليوم الوطني لحرية الصحافة ماهو تقييمكم لاداء الصحفيين من خريجي كلية علوم الاعلام والاتصال؟

لابد أن نقول بأن ممارسة الصحافة اليوم ليست حكرا على خريجي كلية علوم الإعلام والاتصال، هذه المقاربة ولّت، كلنا نتفق أن ممارسة الصحافة هي من نصيب خريجي الكلية، لكن الاختصاصات الاخرى بما فيها التاريخ الجغرافيا، العلوم السياسية، والآداب وغيرها، لماذا لأننا نعيش الآن صحافة متنوعة متفرعة مختصة، صحافة إعلامية صحافة علمية اقتصادية، سياسية، صحافة الرأي، وبالتالي هذا يتطلب فروع متعددة، كل ما في الأمر الذين يهوون الصحافة، لكن المطلوب من أي ناشط وممارس للصحافة، أن يلتزم بقواعد الصحافة وهي الفرق بين الخبر والتعليق وكذلك الامتثال إلى متطلبات الخبر ومكوناته لأنه كما يعرف الجميع الخبر مقدس والتعليق حر، إضافة إلى هذه الجوانب المنهجية والتقنية هناك ايضا، تقنيات في التحرير وفي تقديم الأخبار إلى غير ذلك من الامور وأكثر من هذا هو النزاهة والاحترافية والامتثال إلى القواعد الأخلاقية التي لابد أن يتميز بها الذي يوجد في العمل الصحفي.

 ماهي أهم المكاسب التي حققها قطاع الإعلام في الجزائر؟

حقيقة أقولها كأستاذ وبروفيسور في الإعلام، هناك مكاسب عديدة ومتعددة، لكن يبقى ان نقول وهذه ملاحظة شخصية، ان قطاع الإعلام، عرف تنوعا كبيرا وكثيرا من حيث الجانب العدي فالجميع يعرف أنه يوجد أكثر من 190 جريدة ورقية 150 أو 160 جريدة إليكترونية، إضافة إلى مجموعة من القنوات التلفزيونية، لكن الأداء الإعلامي يبقى على العموم ضعيفا مقارنة بتطلعات المجتمع، وأظن في هذا المضمار حتى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، كان في أكثر من مرة قد عبر عن عدم رضاه عن مشروع القانون المقدم من طرف الوزارة الوصية لأنه لا يلبي الرغبات والطموحات التي ننتظرها، وخاصة كما يعرف الجميع، أن دستور 2020 المعدل جاء بنقطة مهمة وهو دسترة حرية التعربية، وهذا مالم نراه لحد الآن، وكمثال بسيط حاليا هناك أزمة فيما يخص ندرة فيما يخص بعض المواد ووسائل الإعلام لم تتطرق إليها كما وكيفيا، بعبارة أخرى لم نرى حصصا أو لقاءات تلفزيونية أو مقابلات على مستوى الصحافة مع الوزير المعني بالأمر، لم نرى المعنيين المتعاملين، لم يكن هناك حوار جاد بين مختلف الأطراف وبقينا كأنه لم يحدث أي شيئ ولكن الشيئ الأساسي والملاحظ هو أن هذه المناقشات واللقاءات انتقلت، وهذا هو الجديد، انتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى مصدر أساسي لكل كبيرة وصغيرة حول هذا الملف، وهذا يدل على أن قطاع الإعلام تأخر وتقهقر وأصيب بنكسة مقارنة بما يسمى بصحافة المواطنة ووسائل الشبكات الإجتماعية.

يعيش قطاع الإعلام في الجزائر وعلى غرار باقي القطاعات ظرفا خاصا تميزه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحساسة. في رايكم ماهي الرهانات والتحديات التي تنتظر رجال الإعلام لضمان تقديم رسالة اعلامية مهنية؟

أظن قبل كل شيء علينا أن ننتظر القانون الجديد الذي يأتي على ضوء دستور 2020، والذي حتما  وإن كنت لم أطلع بعد على أي نسخة من هذا القانون، غير أننا نرتقب منه أن يضع حدا للانتهازية والتلاعبات، ويضع حدا لغياب المهنية والاحترافية، ونتمنى أن يلعب قطاع الإعلام دورا ككل القطاعات الأخرى، فنحن نلاحظ أنه في عدة ميادين هناك بداية للتحسن عدى قطاع الإعلام، فبالعكس هناك في قطاع الإعلام عدة صحف حجبت، مشاكل بالجملة فيما يخص الصحافة المكتوبة وقضية الورق، وكذلك المطبوعات وغيرها من الامور، وبذلك نرى أن هذا القطاع يحتاج إلى قفزة نوعية وتحدياته هي أن يسترجع ثقة المواطن فيما يبث وينشر، ويتحرر من المقاربات الضيقة والبروتوكولية التي أساءت كثيرا له على حساب انشغالات المواطنين وعلى حساب التحديات المجتمعية والدولة الجزائرية فيما يخص أمنها واستقرارها وتواصلها مع المجتمع، وأكثر من هذا الذي يهم هو الاستقرار السياسي، وكذلك الإقلاع الاقتصادي الذي ننتظر منه الكثير فلحد الآن لم نلمس ثمرات هذا الإقتصاد فالمفروض على الاعلام أن يكون مرآة لما يحدث في المجتمع وهذا لحد الآن لم نره، فأظن أن الرهانات كثيرة وكثيرة، إضافة إلى أننا ننتظر من قانون الإعلام أن يقدم حلولا لقضية التمويل ومن هنا نفهم جيدا قضية قانون الإشهار الذي طال انتظاره ونحن ننتظر الكثير من هذا القانون لتقديم على الأقل، طبقا لمنطق الخدمة العمومية، تقديم الإعانة ضمن قواعد واضحة.

 لا يزال القطاع يعاني من تغلغل رجال المال واحتكارهم للمهنة على حساب الكفاءات الصحفية.ما هي قراءتكم لهذا الوضع. وكيف ترون الحلول الأمثل لإنقاذ الصحافة الجزائرية من الدخلاء؟

بالنسبة لاحتكار الدخلاء للمهنة على حساب الكفاءة، أعتقد أن هذا يرجع إلى انعدام قانون واضح يحدد مساهمة القطاع الخاص أو أصحاب المال في القطاع، أظن أنه كان هناك في وقت سابق اقتراحات مفادها أن أي استثمار خاص لابد أن يحدد إلى حدود حوالي 40 بالمائة من رأس مال الشركة الإعلامية، لتفادي الاحتكارات وطغيان أصحاب المال، ويسمح في الوقت نفسه للصحفيين أن يكون لديهم امكانية اقتناء أسهم، لتكون هناك مهنية وتوزيع عادل للأسهم وكذلك مسؤولية اجتماعية لكل الأطراف، وتفادي الهيمنة والاحتكار وكذلك التلاعبات بمستقبل البلد.

 ما هي توقعاتكم بالنسبة لمستقبل الصحافة المكتوبة في ظل التطور الرقمي والتوجه نحو الصحافة الاليكترونية؟

أظن أن الصحافة المكتوبة مطالبة اليوم قبل غدا، بتحسين الأداء شكلا ومضمونا فالمواطن البسيط لا يقرأ الجريدة التي لا يجد ضالته فيها، بعبارة اخرى، على الصحافة أن تتحرر من المقاربات الكلاسيكية التقليدية وتقترب من انشغالات المواطن واهتماماه وتصب في قلب اهتماماته وكذلك رهانات الدولة الجزائرية فبطبيعة الحال على الصحافة ان تكون مرآة للانشغالات الوطنية، المحلية والدولية، وحتما عليها ان تواكب اقحام التقنيات والتطبيقات برامج الإعلام الآلي التي تسمح لها بمواكبة التطور التكنولوجي في إطار الوثبة الرقمية، لاعادة ثقتها بالقارئ والمواطن والمشاهد بطبيعة الحال، وحتى بالمشترك فيما يتعلق بما يسمى بالشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الاجتماعية.

إلى أي مدى قد يؤثر الوضع الاقتصادي في مردودية وأداء المواقع الإخبارية الاليكترونية؟

مهم جدا أن تحتاج المواقع الاخبارية سواء كانت اليكترونية أو ورقية إلى تمويل، وهنا يتوجب على السلطة العمومية ان تقدم الدعم المالي وذلك لضمان حرية التعبير والعدالة بين الجرائد وكذلك لضمان الامن والاستقرار لأن الصحافة وتنوعها سيسمح حتما بضمان استقرار البلد، لأن المواطن عندما يكون على دراية بما يقع في بلده هذا يضمن له ما يعرف بالربح الاجتماعي وهو ما يتمثل في الأمن والاستقرار وحبه لبلده وثقته في مؤسسات وهياكل بلده وفي نفس الوقت نضمن له أريحية في التعامل، وحتما لما يرى ضالته في وسائل إعلامه سيكون اكثر ثقة والتزام بما يتوجب عليه القيام به.

ماهو تقييمكم لتجربة فتح المجال السمعي البصري في الجزائر. وأداء القنوات الخاصة.وهل تمكنت فعلا من تقديم إضافة أو منافسة؟

أعتقد شخصيا، أنها تجربة ناجحة نسبيا بالنسبة لبعض القنوات خاصة أنا لا أقبل التعددية الرقمية بل أريد تعددية من حيث المحتوى والمضامين من حيث مساهمة هذه القنوات وأن تفتح أبوابها على المواطن من خلال بث حوارات ونقاشات، أعتقد أن هذا ما نحن في امس الحاجة إليه إذن ففي غياب حوارات ونقاشات جادة ومهمة فحتما أنا أقول وهذا رأيي الشخصي، إنه هناك حتما 24 أو 25 مليون جزائري على شبكات التواصل الاجتماعية هذا يل على ان المواطن الجزائري غير راض عن قنواته سواء كانت عمومية أو خاصة لأنها لا تعالج أمهات القضايا وتتطرق إلى القضايا الحقيقية بحزم وشجاعة وجرأة وموضوعية تبقى في الأمور التي فيها الكثير من الحميميات والكثير من الشكليات لكنها تتجاهل الأمور الأساسية، وقدمت مثال قضية الندرة في بعض المواد فلم نرى القنوات التلفزيونية تتطرق إلى هذا الموضوع بطريقة جدية وذلك بدعوة كل الأطراف ليعرف المواطن البسيط حقيقة ما يحدث ولا يكتفي فقط ببعض البيانات الرسمية وبعض الروبورتاجات الانتقائية ذات الطابع الترويجي لا أكثر ولا أقل والتي تكون بعيدة نوعا ما عن الحقيقة، إذن لو لم تنفتح هذه القنوات التلفزيونية سواء كانت قطاع خاص أو قطاع عمومي على حقيقة الأوضاع في البلد فستبقى تعالج الأمور بنوع من الاستخفاف وهذا لن يساعدها، لكن في جميع الحالات كما قلت أقول ان الأعداد الهائلة من قنوات اليوتوب تعكس أن المواطن فقد ثقته فيما تبثه القنوات، أتمنى ان قانون السمعي البصري الذي ينتظره الكثير شأنه شأن الصحافة المكتوبة سيرجع إلى المواطن ثقته في مؤسساته.

من نفس القسم الحدث