الحدث

صحفيون يتحدثون واقع صعب للممارسة الإعلامية ويتطلعون نحو الأفضل

جريدة "الرائد" تستطلع آراء إعلاميين في اليوم العالمي لحرية الصحافة

يحتفل العالم في الثالث من ماي من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو اليوم خصصته منظمة اليونسكو، لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي الذي تم في اجتماع للصحافيين الأفارقة في 3 ماي 1991، للحرص على ضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحافيين.

 تزامن إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم أمس الثلاثاء 3 ماي 2022، مع المساعي المتواصلة من قبل السلطات العليا للبلاد للعمل على تعزيز ضمانات حماية حرية التعبير وتدقيق المفاهيم الخاصة بها خاصة، فيما يتعلق بمنح صفة الصحفي المحترف، ومعايير ترقية جودة الخدمة الإعلامية وبناء خطاب إعلامي مسؤول، فضلا عن ضمان شفافية تمويل وسائل الإعلام، وهذا عبر قانونين للإعلام والسمعي البصري، ينتظر صدورهما قريبا.

 انقسم منتسبو قطاع الاعلام بخصوص الواقع الذي يعيشه القطاع، ورصدت جريدة الرائد عينة لبعض آراء الصحافيين والإعلاميين الناشطين في مختلف المؤسسات الإعلامية، سواء في قطاع الصحافة المكتوبة، الإلكتروني وحتى القطاع السمعي البصري.

ترى سهام الصحافية بجريدة ورقية، بأن واقع الإعلام في الجزائر انتقل خلال السنوات الأخيرة من سيء إلى أسوء، خاصة في القطاع الخاص أين يفتقد الصحفي لأبسط حقوقه بداية بالأجر الزهيد الذي لا يرقى أبدا لمستوى المجهود والخدمة التي يقدمها الصحفي وصولا إلى غياب الوسائل والظروف الملائمة لممارسة العمل الإعلامي على أكمل وجه، على غرار الوسائل التقنية وغيرها من المعدات الضرورية في هذا المجال، يضاف لها عدم كفاءة مسيري هذه المؤسسات باعتبار أن العديد منهم يعتبرون دخلاء على المهنة، ما يجعلهم مقصرين جدا من ناحية التسيير والتعامل مع الصحفيين، تقول سهام.

أما فيما يتعلق بتطلعاتها حول القانون الجديد، الذي ينتظر صدوره قريبا، فقالت أعتقد أن هذه القوانين تأتي حقيقة لزيادة رصيد مسيري ومدراء هذه المؤسسات بدل أن ترسم للصحفي والصحافة في بلادنا طريقا نحو التميز والنجاح، مشددة على أن الصحفي في بلادنا تجرع من كأس التسويف والوعود لحد الثمالة، واليوم يبحث عن تغيير فعلي يعطي لكل ذي حق حقه بعيدا عن المحاباة و"المعريفة" التي انهكت ونخرت المهنة.

وفي ذات الاتجاه، يرى حميد الناشط بإحدى الجرائد الورقية الناطقة بالفرنسية، بأن الاعلام اليوم في الجزائر يعيش حالة من الضبابية في الأفق، قائلا نعيش حالة تراجع بالمقارنة مع المكتسبات المحققة في سنوات الانفتاح والتعددية، كما نعيش أيضا حالة من الخوف، إذ أن العديد من العناوين والقنوات توقف نشاطها وأغلقت أبوابها في السنوات الأخيرة.

كما لا يخفى على أحد التراجع في المحتوى المقدم، انحسار المقروئية، تراجع سحب الصحف وعدم تمكن المواقع الإلكترونية من فرض نفسها، للأسف الجزائر لم تنجح في معرفة التحول الرقمي، دون أن ننسى الحالة الاجتماعية للصحفيين التي تتمثل في تدني الأجور والتراجع الرهيب في القدرة الشرائية.

وتمنى محدثنا، أن يضمن القانون الجديد للإعلامي استقرارا للقطاع ومنتسبيه، ويساهم في تغيير عديد الممارسات وتحقيق مكتسبات جديدة تساهم في ضمان خدمة عمومية مميزة.

وفي سياق متصل يقول عبد الناصر في حديثه لجريدة الرائد، وهو الذي اشتغل بعديد المواقع الإلكترونية، اعتقد أن الإعلام في الجزائر حقق قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، لاسيما فيما تعلق بالإعلام الإلكتروني، والإعلام المتخصص عموما، لكن الصعوبات المالية التي تواجهها معظم وسائل الإعلام، وعدم اتضاح الرؤية بخصوص كيفيات التحصيل على التمويل والاستفادة من الاشهار العمومي يضع وسائل الإعلام الوطنية أمام مستقبل غير واضح المعالم.

وأضاف، صحيح أن هنالك مساعي حثيثة من قبل السلطات لتنظيم القطاع، وغلق المنافذ أمام الدخلاء، وذلك بالعمل على توطين نطاق هذه الجرائد الالكترونية في الجزائر، لكن قد يستدعي ذلك مزيدا من الجهود، لاسيما وأن الأخيرة تقوم بمجهودات كبرى لمجابهة الدعايات والمزاعم المعادية لمصالح الجزائر.

وبالنسبة للآفاق والتطلعات بخصوص قانون الإعلام الجديد، فنحن نتطلع إيجابا، في أن يكون القانون يمثل فعلا طموحات وتطلعات الناشطين في حقل الإعلام، ويرصد كافة النقاط في هذا القطاع بشكل واضح ومباشر، لاسيما ما تعلق منها بالحقوق والواجبات المترتبة على مهنيي الصحافة، الحقوق الاجتماعية والمهنية، الحريات، وصولا إلى كيفيات استفادة وسائل الإعلام من الدعم والمرافقة.

ومن جهته، مهدي الصحفي بقناة الشروق، قال بأن الواقع مرير وظروف العمل جد صعبة، التضييق يزيد يوما بعد يوم وحيز حرية الممارسة يتقلص شيئًا فشيئا في ظل غياب قانون واضح وإستعمال العديد من الأجهزة والآليات القانونية لقمع الحريات، وهذا بغض النظر عن الظروف المهنية لمنتسبي هذا القطاع.

وبخصوص تطلعاته لما سيحمله القانون الجديد للإعلام، الذي ينتظر صدوره قريبا، أكد بأن الممارسات لا تبشر بالخير والمشكل غير محصور في غياب القانون أو نقصه بل في غياب إرادة لتطبيقه، ما يجعل آليات تطبيقه على أرض الواقع تتعطل بالمقابل هنالك سعي لتكميم الأفواه.

وفي الاتجاه ذاته، تقول حليمة، بأن الممارسة الإعلامية في الجزائر لاتزال بعيدة عن الاعلام الحر فقيود السلطة واضحة والدليل التدخلات المتعددة لغلق بعض القنوات وترك المجال للفوضى، إذا أصبحت مواضيع  الاعلام سطحية ولا ترتقى لخدمة ومتطلبات المواطن، بما أنها المراءة العاكسة لانشغالاته واحتياجاته، داعية في ذات الوقت لكسر القيود التي تكبل صوت  الصحفي وتهدد ملاك المؤسسات بالغلق، مضيفة بأن كسرها سيساهم في  تقديم خدمة عمومية متميزة تضفي النزاهة على المهنة وتجعلها حرة ودون مساومات، والتي ستكون كلها في خدمة الصالح العام والوطن.

وأضافت، بأن الصحفي لا يزال مهمشا وفاقدا لحقوقه في أغلب المؤسسات الاعلامية، قائلة بأن الوقت قد حان لتحسين وضعه الاجتماعي والمهني، خاصة وأن الظروف المحيطة به تمنحه القوة لأداء مهامه على أكمل وجه، لأن مهنة الصحافة ليست كباقي المهن، فالصحفي يتفرغ لخدمة ونقل انشغالات المواطنين و كشف مختلف الممارسات، ولكن في المقابل فإن مطالب للصحافيين تسقط في الماء، فلا أحد ينصت إليها.

وعبرت عن أملها في أن يحمل القانون الجديد في طياته حوافز وپوادر إصلاح، "أمل أن يحقق القانون الجديد الاحترافية للصحفي ولمنتسبي القطاع ولا يبقى مجرد حبر على الورق، وأن يكرس حرية التعبير و ينظم مهنة الصحفة بشتى عناوينها ومؤسساتها سواء التقليدية منها أو الالكترونية، وتمنت أن يكون أداة فاعلة لايصال صوت الشعب وليس تعرية المجتمع و تقزيم دور الصحفي، ويساهم في تطهير القطاع من الدخلاء وتفعيل بطاقة الصحفي ورفع التجريم عنه، وأن يمنح للصحفي ثقة لايصال معلوماته دون تكبيل وتكميم و دون قيود.

ومن جهته، يؤكد موسى بوغراب الصحفي بقناة الحياة، بأن وسائل الإعلام بأنواعها تأثرت بمختلف المراحل التي مرت بها الجزائر طيلة سنوات، كما انعكس التطور الذي عرفته وسائل الإعلام عالميا على واقعها، كظهور الصحافة الإلكترونية، التي تكيفت معها المنظومة القانونية في بلادنا، من خلال القانون العضوي للإعلام لسنة 2012، والذي تضمن في بابه الخامس " وسائل الإعلام الإلكترونية "، وحدد مفهوم الصحافة الإلكترونية، إلى جانب التطرق إلى النشاط السمعي البصري عبر الأنترنيت.

وقال بأن الصحافة في بلادنا عرفت قفزة، من خلال ما جاء في الدستور الجديد، الذي سنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والذي أعطى مساحة مهمة لحرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، من خلال المادة 54 منه، ومن بينها  الحق في إنشاء الصحف والنشريات بمجرد التصريح بذلك، مضيفا بأن رئيس الجمهورية أولى أهمية خاصة لوسائل الإعلام من خلال اللقاءات الدورية معها، وتأكيده على ضرورة توفير كافة الظروف والإمكانيات والوسائل في إطار الدفاع عن السيادة الرقمية للجزائر.

أما بخصوص قانون الإعلام الجديد الذي يتم تحضيره، فمن المهم جدا إشراك مختلف الشركاء من أجل تدارك كل الاختلالات التي عرفتها القوانين السابقة، بما يسمح بتقوية الإعلام الوطني لتأدية رسالته ومواكبة مختلف التطورات الحاصلة، وتحقيق حق المواطن في المعلومة  الصادقة والموضوعية، مع وضع حد لتمييع الساحة الإعلامية، ودعم مختلف وسائل الإعلام بالإمكانيات اللازمة لمواجهة مختلف التحديات.

يشار إلى أن الحكومة درست مؤخرا مشروعا تمهيديا لقانون عضوي يتعلق بالإعلام بغية إعطاء عملية إصلاح النص طابعا مجددا طبقا لأحكام دستور أول نوفمبر 2020 وسعبا لمسايرة التغييرات الناجمة عن التطور التكنولوجي.

كما درست الحكومة في اجتماع آخر مشروعا تمهيديا لقانون يتعلق بالنشاط السمعي البصري من أجل وضع إطار قانوني يحكم النشاط السمعي البصري، ويهدف إلى تحديد الهيئات التي تنشط في مجال السمعي البصري والقواعد المتعلقة بتنظيمها وضبطها ورقابتها بالإضافة إلى إنشاء سلطة مستقلة لضبط السمعي البصري.

من نفس القسم الحدث