الحدث

أكثر من 25 دار إفتاء تجيز إخراج زكاة الفطر نقدا وعلى المواطن تجنب الفتاوى المعلبة

الشيخ العيد مليك في حوار مع "الرائد"

حدثنا الشيخ العيد مليك إمام أستاذ بمسجد الإمام مالك بن أنس، وسط مدينة المسيلة في هذا الحوار، عن  دور المسجد في محاربة الآفات الاجتماعية ، الذي اعتبره فضاء اجتماعيا، كما  تحدث عن دور الإمام كعنصر مهم في توعية المجتمع من مختلف الأخطار التي تتربص بالمواطنين في ظل التطور التكنولوجي ، بالإضافة إلى ظاهرة التبرج أثناء التسوق معرجا عن  كثرة المفتين  في الآونة الأخيرة ، وكذا دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الدروس المسجدية .

في البداية كيف يعرف الشيخ العيد مليك نفسه لقراء يومية الرائد؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. محدثكم الإمام العيد مليك إمام أستاذ بمسجد الإمام مالك بن أنس، وسط مدينة المسيلة، طالب علم، إمام أتشرف بخدمة بيت الله عز وجل، وهذا شرف ما بعده شرف.

 حدثنا عن دور المسجد في محاربة الآفات الاجتماعية؟

دور المسجد في محاربة الآفات الاجتماعية، فالمسجد هو فضاء ديني، وفضاء اجتماعي، وفيه يلتقي الناس من كل الفئات العمرية والتعليمية. وهو يقدم خدمات جليلة، فبالإضافة إلى محاربته للآفات الاجتماعية عن طريق خطبة الجمعة التي هي بمثابة منبر أسبوعي، فضلا عن الدروس الأسبوعية، فضلا عن التظاهرات العلمية التي نقيمها بين الفينة والأخرى في كل مناسبة دينية ووطنية، فضلا على بعض الندوات لمواضيع تُعنى بمحاربة هاته الظواهر، فضلا عن احتكاك الإمام كإمام مسجد بالمجتمع في المناسبات الدينية في الأفراح وفي المآتم، الحقيقة أن رسالة المسجد في محاربة الآفات الاجتماعية رسالة قوية جدا، والحمد لله الشعب الجزائري بطبيعته شعب متدين، ولهذا فهو يلتف حول المساجد ويجد فيها الملاذ الآمن، فضلا عن المناسبات الدينية مثلا رمضان أو الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، العيدين وبعض المناسبات الدينية التي يحن فيها المصلون إلى بيوت الله عز وجل ويجد فيها الإمام ضالته ونهمه في إبلاغ رسالة المسجد ومحاربة الآفات الاجتماعية.

 ما هو دور الإمام كعنصر مهم في توعية المجتمع من مختلف الأخطار التي تتربص بالمواطنين في ظل التطور التكنولوجي؟

رسالة الإمام هي رسالة ربانية إي والله، رسالة الإمام رسالة ربانية، وقد دعا لهم النبي صلى الله عليه و سلم فقال:"اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين"، أو كما قال صلى الله عليه و سلم والإمام مؤتمن وضامن هو والمؤذن، كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام على صلاة الناس وعلى أذان الناس وعلى شعائر الناس. والحمدلله أن الإمام أصبحت رسالته رسالة عامة ليست مقتصرة فقط على المسجد، لا، بل هو يخرج إلى الناس يشاركهم الأفراح والأقراح، أسوته في ذلك النبي صلى الله عليه و سلم.

أتحدث مثلا عن تجربتي للاحتكاك حتى بالمنظومة التربوية من خلال محاضرات ودروس لطلبتنا في الثانويات والمتوسطات، فضلا عن مشاركات علمية ودعوية وثقافية مع بعض الهيئات ومع بعض المؤسسات، فالحمدلله رسالة الإمام ليست فقط في خطبة الجمعة أو في درس الجمعة، بل تتعداها إلى أكثر من ذلك في مجالات كثيرة،بل لنا احتكاك حتى مع رجال الأمن من شرطة ودرك في بعض الحملات التوعوية والتحسيسية حول حوادث المرور، وكذلك مع الحماية المدنية في التحسيس بمخاطر تسربات الغاز في فصل الشتاء، يعني نرى أن رسالة الإمام أصبحت رسالة اجتماعية، رسالة جوارية مع مجتمعه، وكما يقال: الإمام هو ابن بيئته وابن محيطه، ولهذا فهو يضطلع بمهام كثيرة وكثيرة جدا.

تنتشر في الأيام الأخيرة من رمضان ظاهرة التبرج أثناء التسوق ما رأيك شيخنا؟

ظاهرة التبرج أثناء التسوق في الحقيقة هذه بليّة وهذه رزيّة، ولعلني من هذا المنبر الإعلامي أقول لبناتي وأقول لأخواتي ما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما تقربت امرأة إلى ربها بأعظم من قعودها في بيتها". ليس هذا معناه أن الإسلام ضد عمل المرأة، أبدا البتة، بل إن النساء في عهد النبي كن يخرجن ويجاهدن و يقضين حوائجهن، ولكن في إطار ضوابط شرعية من الحشمة والحياء وعدم الخلوة وغير ذلك، فالإسلام إنما يحافظ على شرف المرأة ويحافظ على حشمتها، ولهذا ينهى أهل العلم المرأة عن كثرة التسوق أو الخروج بغير معنى أو الخروج ومزاحمة الرجال في الأسواق وفي المحلات، ولهذا فالمرأة محفوظة مصانة.

الإسلام أسقط النفقة على المرأة، فالمرأة لا تنفق لا على والديها ولا تنفق على زوجها، هذا كله حماية لهاته المرأة من أن تخوض في مجالات لا تناسب أنوثتها ولا تناسب مقامها، إذن الخلاصة والعصارة في هاته النقطة أن الإسلام يدعو المرأة ويجيز لها العمل، ويجيز لها أن تقضي حوائجها حتى المرأة المعتدة التي مات عنها زوجها، وأنتم تعلمون أن المرأة المعتدة التي مات عنها زوجها تمكث في بيت زوجها أربعة أشهر وعشرا، وفاء وحزنا على زوجها، ومع ذلك أهل العلم يجيزون خروج المرأة المعتدة لقضاء حوائجها وإمضاء وثائق زوجها إذا لم تجد من يقوم بهاته الأعمال، لكن خروجها وتسوقها إنما يكون ضمن الضوابط الشرعية من الحشمة والحياء والتستر "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" –الأحزاب 33-

ما مدى أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الدروس المسجدية؟

أما عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في إبلاغ رسالة المسجد فنحن نسميها المساجد الافتراضية، وقد كان لها الأثر البالغ في جائحة كورونا حينما أغلقت المساجد وكيف كانت بمثابة مساجد افتراضية استطاع الإمام من خلالها أن يبلغ رسائل للمصلين، للمواطنين في تعليم أحكام الدين، في التعليم القرآني، في بث رسائل الطمأنينة والسكينة وكذا التكافل والمواساة بين أبناء الأمة، والآن والحمد لله رب العالمين أصبحنا نبلغ رسائلنا إلى جمهور آخر جمهور في البيوت، جمهور في محلات عملهم، جمهور حتى خارج الولايات، حتى خارج الوطن، الحقيقة وسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدين، وبالنسبة للإمام يمكن أن يستغلها في إبلاغ رسالته في توجيه دعوات للخير للتضامن لتبليغ دين الله عز وجل.

نشهد في الآونة الآخرة كثرة المفتين،بحسبك ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي؟

أنا لا أقول كثرة المفتين لأن المفتي في اصطلاح الشرع له مكانة، ولهذا سماهم ابن القيم سمى المفتي موقع عن الله، وألف كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين. فالمفتي هو الذي يوقع عن رب العالمين، وأنا لا أقول كثرة المفتين بل كثرة الفضوليين، ولهذا قال علي رضي الله تعالى عنه: العلم نقطة كثرها الجُهّال. فما نراه في مواقع التواصل الاجتماعي لا أقول كثرة المفتين بل هي كثرة الفضوليين أو الرويبضة من أهل التفه والسفه ممن ليس لهم علم، أما اصطلاح المفتي فهذا مقام كريم ومقام عظيم لأنه يوقع عن الله عز وجل، أما هؤلاء فهم يتسرعون في أحكامهم، لهم اتجاهات ونعرات وخلفيات ويفتون بغير علم، والحقيقة والحمد لله الكثير من الناس وخاصة أبناء شعبنا ملتفون حول أئمتهم، حول دعاتهم، حول علمائهم، يرون فيهم منهج الوسطية والاعتدال، وأقول أن العبد لا يغتر بكثرة هاته الفتاوى المعلبة فوالله هي زوبعة في فنجان، مثلا إخراج زكاة الفطر نقدا أهل العلم وأكثر من 25 دار إفتاء أو هيئة إفتاء ومراكز علمية ما شاء الله على جواز تقديم زكاة الفطر نقدا، فبعض أصوات النشاز وأن هذا لا يجوز وكذا وكذا،ويحاولون ملأ مواقع التواصل الاجتماعي، لكن كل هذا لا يجدي نفعا "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" _الرعد: 17_ ، وبالفعل، العلماء الربانيون والدعاة تجدهم مع أبناء شعبهم في كل صغيرة وكبيرة بخلاف هؤلاء فهم يتوارون ويختفون وراء هاته الأسماء المستعارة، وراء هاته المواقع والحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويطلقون فقاعات هنا وهناك، لكنها كما ذكرت قبل قليل لا تقدم ولا تأخر ولا تسمن من جوع.

 لك الكلمة شيخنا أضف ما تريد في الختام؟

ختاما، أقول لكل من يقدم الخير لأمته إما بقلمه كإعلامكم أو منبركم، أو لكل من يقدم الخير بكلمته أو ماله أو جهده، كلٌّ في ثغره وكل في ميدان عمله يقدم الخير لدين الله عز وجل، والله سائلنا عما قدمنا لديننا وعما قدمنا لأبناء شعبنا وأمتنا «وقل اعلموا فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون» بارك الله فيكم وحفظكم الله ورعاكم وسدد الله خطاكم، وجعلكم للدين ذخرا وللوطن فخرا، والسلام عليكم ورحمة الله.

من نفس القسم الحدث