الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
سجلت جرائم السلاح الأبيض وحرب الشوارع والعصابات، في الفترة الأخيرة، تناميا مخيفا وحصيلة قياسية، دفعت المؤسسات السيادية في البلاد، وفي مقدمتها الرئيس تبون، للتدخل بغية تشديد الردع على هؤلاء المجرمين والتوجه نحو سن قانون جديد يردع المتورطين في ترويع المواطنين، وهو ما ثمنه، أمس، حقوقيون ومختصون في علم الاجتماع، معتبرين أن غياب الردع الكافي هو الذي أعطى المجال لهؤلاء الخارجين عن القانون لممارسة إجرامهم في الأحياء.
وبمعدل 693 جريمة يوميا، شهدت الجزائر مؤخرا جرائم بشعة بالأسلحة البيضاء، تصدرتها قضايا الضرب والجرح العمد، في حين استمرت ظاهرة الاختطاف بالظهور رغم تراجع حدتها عما كانت عليه في السنوات الماضية. وكشفت أرقام رسمية عن تسجيل ربع مليون جريمة في النصف الأول من العام الجاري، حيث أصبح المنحرفون يرتكبون جرائم خطيرة بدافع القصاص والانتقام أو استرجاع حقوقهم وما سلب منهم، دون اللجوء إلى الجهات الأمنية، وأعطوا لأنفسهم صفة الحاكم والقاضي والإمام، وهي ممارسات باتت تحط من قيمة الأجهزة الأمنية الجزائرية والعدالة وتضعف صورتها أمام الدول ومنظمات حقوق الإنسان، وهو ما دفع السلطات الجزائرية إلى تبني توجه جديد، لأجل سن قانون لمحاربة الظاهرة المجتمعية المرعبة، ومواجهة حرب العصابات، خاصةً في الأحياء الشعبية، وجعل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يتدخل شخصيا من أجل وضع آليات ردعية تكبح هذا الظاهرة التي باتت تروع المواطنين، في إجراءات وصفها المختصون والحقوقيون بالهامة، مقترحين مزيدا من التشديد في الردع مع التوجه نحو البحث عن الأسباب التي أدت إلى ظهور مثل هذه العصابات في الأحياء من أجل معالجة الظاهرة من جذورها.
وفي هذا الصدد، ثمن رئيس جمعية حماية الأحداث من الانحراف والاندماج في المجتمع لولاية الجزائر، علي لعبادي، أمس، الإجراءات التي أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون باتخاذها في آخر اجتماع وزاري من أجل تقليل نسبة الإجرام في المجتمع، خاصة ما تعلق بعصابات الأحياء التي باتت تروع المواطنين. وأشار لعبادي، في تصريح لـ"الرائد"، أن الجريمة في المجتمع الجزائري عرفت منحنيات خطيرة في السنوات الأخيرة، خاصة مع ظهور العصابات في الأحياء وتنوع الجرائم وتعقدها، في وقت اندثرت هيبة الدولة والأسرة وعجزت النصوص القانونية عن القيام بدورها الفعال لردع المجرمين، لذلك كان لابد من إعادة هيكلة ودراسة شاملة لهذه الظاهرة لإيجاد حلول عاجلة. وأضاف ذات المتحدث أنه خلال الثلاثة أشهر الأخيرة فقط وفي ظل الحجر الصحي وأزمة كورونا، سجلت جرائم السلاح الأبيض وحرب الشوارع حصيلة قياسية، وهو ما كان لزاما على المؤسسات السيادية في البلاد، وفي مقدمتها الرئيس تبون، التدخل من أجل كبح جماح الظاهرة المتفشية في المجتمع مؤخرا، مضيفا أنه من غير المعقول أن لا يأمن المواطنون في الجزائر الجديدة داخل أحيائهم ومنازلهم بسبب خارجين عن القانون يحاولون فرض زعامتهم. من جانب آخر، قال لعبادي إن الإجراءات التي أمر الرئيس باتخاذها، منها منع استيراد أو بيع أو حيازة أو استعمال أو صناعة السلاح الأبيض من سيوف وخناجر قصد تزويد عصابات الأحياء بها، واستثناء المعاقبين من عصابات الأحياء من إجراءات العفو، هي إجراءات ستكون لها آثار مباشرة وسريعة على ظاهرة العنف في الأحياء، خاصة أن 90 بالمائة من مشاكل العنف في الأحياء مردها الأحداث والخارجون من السجون الذين يستفيدون بمجرد قضائهم فترة قصيرة من السجن من العفو الرئاسي، وهو ما يجعل هؤلاء وبمجرد خروجهم من السجون يصرون على الانتقام نظرا لغياب الرادع الحقيقي، بتشكيل جماعات وزعامات تساعدهم على ذلك، وهو ما يعد خطرا، حسب رئيس الجمعية، على المجتمع والوطن بصفة عامة.
من جهته، قال المختص في علم الاجتماع، السعيد بوحراتي، إن بعض الأحياء السكنية الجديدة صارت مرتعا للجريمة والصراعات بين الشبان، ومسرحا للعراك اليومي الذي يفضي إلى استعمال مختلف الأسلحة البيضاء، مشيرا إلى أنه "خلال السنوات الأخيرة، عقب موجة القضاء على الأحياء السكنية الفوضوية التي شهدتها العاصمة الجزائرية وضواحيها، وترحيل سكانها إلى أحياء جديدة، أنتجت الأخيرة بؤرا للعصابات وتجار المخدرات، ما يعني أن الكثير من الأسر تعيش هاجس الأمن والخوف من تصفية الحسابات". وثمن ذات المتحدث الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية والتوجه نحو سن قانون لردع عصابات الأحياء وقانون ضد الاختطاف، غير أن بوحراتي اقترح، إلى جانب الإجراءات الردعية، أن يتم التوجه نحو دراسة العنف في المجتمع الجزائري بكافة تفاصيله ومعرفة مسبباته وتقليلها من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية في محاصرة هذا العنف، حتي لا تكون المعالجة سطحية، منبها إلى نقطة مهمة تعد عاملا أساسيا في انتشار عنف الأحياء وهو الإدمان، حيث قال بوحراتي إن أكثر من 90 بالمائة من المتسببين في حرب العصابات وعنف الأحياء هم من المدمنين، لذلك من المهم والضروري الذهاب نحو مراجعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، واصفا الاستهلاك المتزايد لهذه المواد في الجزائر "بالأمر المقلق".
هذا وبمجرد إعلان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن التوجه نحو سن قانون ضد الاختطاف، عرفت الساحة الوطنية العديد من ردود الفعل والمقترحات من أجل تدعيم هذا القانون، حيث أعاد نشطاء جمعويون وقانونيون وأسر كان أبناؤها ضحية عمليات الاختطاف، حيث طرحوا مطلب القصاص ضد المختطفين والذين يرتكبون جرائم بشعة في حق الأطفال المختطفين، في حين اقترح رجال قانون أن يتم إشراك الأسر ضحايا الظاهرة في النقاش حول هذا القانون الذي لطالما كان مطلبا وطال انتظاره، بعدما باتت ظاهرة الاختطاف، خاصة اختطاف الأطفال في السنوات الأخيرة "بعبعا" يخيف الجزائريين من كل الفئات.