الحدث

مضاربة وسرقة مقننة بالمدن الساحلية؟!

مصطافون يعوضون خسائر التجار خلال فترة الحجر الصحي من جيوبهم

 

يبدو أن بعض التجار في الولايات الساحلية والسماسرة وحتى مقدمي الخدمات السياحية والفندقية، يحاولون حاليا، وفي فترة قياسية، تعويض خسائر أزمة كورونا، وهو التفسير المنطقي الوحيد لما تعرفه الولايات الساحلية هذه الأيام من غلاء في أسعار كل شيء متعلق بموسم الاصطياف.

ولم يقتصر الغلاء في موسم الاصطياف المتأخر الحالي على الخدمات السياحية المتعلقة بكراء الفنادق والشقق المخصصة للعطل فقط، وإنما تعدى ذلك ليشمل كل الخدمات، بدءا من تلك التي تقدمها المطاعم والباعة المتجولون على الشواطئ وحتى وسائل النقل وكذا تأجير لوازم الاستجمام على الشواطئ، ما يجعل قضاء عطلة أسبوع بالمناطق الساحلية يحتاج لميزانية ضخمة لا تستطيع جل العائلات تحملها بسبب تدهور القدرة الشرائية التي فرضتها أزمة كورونا والحجر الصحي، وقد استغل العديد من التجار ومقدمو الخدمات السياحية حاجة العديد من الأسر للراحة والاستجمام، بعد حوالي خمسة أشهر من الضغوطات بسبب الحجر الصحي، ليفرضوا منطقهم وأسعارهم، حيث يضطر المصطافون حاليا في المدن الساحلية لدفع ضعف الثمن على جل الخدمات، وهو ما استنكره البعض فيما لا يجد آخرون بديلا تحت شعار "ادفع وانت ساكت".

التجار القريبون من الشواطئ يضاعفون الأسعار

وخلال جولة قادتنا إلى عدد من البلديات الساحلية بالعاصمة والقريبة من الشواطئ، وقفنا على ارتفاع كبير في الأسعار، بدءا من أسعار المواد الاستهلاكية والخضر والفواكه، التي تعرف، على مستوى المحلات التجارية القريبة من شواطئ البحر، ارتفاعا غير مبرر وبنسب تفوق الـ 100 بالمائة أحيانا، ويعتمد التجار في سرقة جيوب المصطافين والتهرب من الرقابة على عدم إشهار أسعار سلعهم. وقد وصل سعر قارورة ماء سعة 1.5 لتر حدود الـ 100 دج، رغم أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز الـ 30 دينارا جزائريا في الأيام العادية، في حين عرفت أسعار الجبن ومشتقاته زيادة تراوحت بين 30 و50 بالمائة، شأنها شأن المشروبات الغازية التي تعرض هي الأخرى بأسعار جد مرتفعة. وليس فقط أسعار المواد الغذائية بالمناطق الساحلية هي التي ارتفعت، فأسعار اللحوم وحتى الخضر والفواكه عرفت التهابا محسوسا رغم أن الأسعار تشهد في مناطق أخرى سقوطا حرا.

أسعار خيالية عند الباعة المتجولين والمطاعم حدث ولا حرج

هذا وتعرف أسعار الوجبات السريعة والخدمات على مستوى المطاعم هي الأخرى ارتفاعا محسوسا. فعلى مستوى البائعين المتجولين في شواطئ البحر بلغ سعر السندويشات حدود الـ 400 دج، في حين وصل سعر "لمحاجب" الـ 50 دج و"لي بنيي" الـ 40 دج، وعرفت أسعار الشاي أيضا نفس مستوى الارتفاع. وعلى مستوى المطاعم القريبة من شواطئ البحر فحدث ولا حرج، حيث يحاول أصحاب المطاعم الموجودة بالمناطق الساحلية تعويض خسائرهم خلال فترة الحجر الصحي وتوقيف النشاط من خلال الزيادة في أسعار الوجبات التي تقدم للزبائن والمواطنين، فطبق سردين بات يتجاوز أحيانا الـ 700 دج، وما يثير الاستفزاز أكثر أن أغلب هذه المطاعم لا تحترم شروط النظافة والوقاية من فيروس كورونا.

لا مجانية عبر الشواطئ

هذا وتبقى مجانية الشواطئ هذه الصائفة أيضا مجرد حبر على ورق، حيث تبقى الكراسي والشمسيات المجانية على الشواطئ غير متاحة إلا بدفع أثمان باهظة، حيث وصل سعر كراء الشمسيات إلى مستويات خيالية تتراوح بين 1000 دج و1500 حسب قرب المكان من شاطئ البحر، بالإضافة إلى أسعار الباركينغ التي تصل في بعض الشواطئ 250 دج، وهو ما أثار حفيظة المصطافين الذين طالبوا بإنهاء سيطرة مافيا الشواطئ الذين يفسدون فرحة العائلات.

بوشريط: لهذه الأسباب ترتفع الأسعار في الولايات الساحلية كل صائفة

وفي هذا الصدد، أرجع الأمين الوطني المكلف بالمالية في الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين، عبد القادر بوشريط، في اتصال مع "الرائد"، السبب في تفاقم ظاهرة الغلاء خلال موسم الاصطياف الحالي للضغط الذي تعيشه الشواطئ التي تأخرت في فتح أبوابها للمصطافين، وهو ما خلق حركية كبيرة على هذه الأخيرة وإقبالا على مختلف الخدمات والمنتجات المرتبطة بموسم الاصطياف، وهو ما رفع الأسعار، معترفا بأن هناك بعض التجار الانتهازيين من استغلوا الفرصة لتعويض خسائرهم خلال أزمة كورونا. 

وقال بوشريط في السياق ذاته إنه من بين أسباب الغلاء أيضا هو غياب ضوابط تلزم التجار بالبيع وفق هامش ربح محدد، مضيفا أن "كل تاجر بات يحدد سعر المواد الغذائية كما يحلو له"، مشيرا أن المصالح الرقابية لا تستطيع التدخل بسبب غياب نصوص قانونية تلزم التاجر بهامش الربح ما عدا المواد المقننة، وأضاف إن التجار في الولايات الساحلية يعتبرون موسم الاصطياف فرصة للربح السريع، لذلك يرفعون الأسعار إلى حدود غير معقولة، مشيرا أن هناك عوامل أخرى تجعل الظاهرة تستمر كل فصل صيف، منها النقص الفادح في المنتوجات والمواد الغذائية بسبب اضطراب التموين، ونقص الأسواق الجوارية ومحلات التجزئة، بالإضافة إلى غياب الرقابة وثقافة الاستهلاك، مشيرا أنه لو توفرت هذه الشروط فلا يمكن للتاجر التحايل على المستهلكين ولا تكون هناك مضاربة في الأسعار كما هو حاصل الآن.

حريز للمستهلكين: لا تقتنوا منتجاتكم من المحلات القريبة من الشواطئ

من جهته، حمل رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، السلطات المحلية ووزارة التجارة مسؤولية النهب الحاصل على مستوى السواحل والمناطق القريبة من الشواطئ، معتبرا أنه من غير المعقول زيادة أسعار بعض المنتوجات بـ200 و300 بالمائة فقط لأن المحل قريب من الشاطئ، ولأن التاجر يريد تعويض خسائره من أزمة كورونا، مشيرا أن هذه الخسائر لا يتحملها المستهلك ولا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد ولم يكن سببا فيها، وهي على الجميع، داعيا السلطات المحلية وأجهزة الرقابة للقيام بدورات تفقدية للقضاء على هذه الظاهرة، كما نصح حريز المستهلكين من المصطافين بتجنب اقتناء المواد التي يحتاجونها من المحلات التي تفرض أسعارا خيالية، حتى لا يقع المصطاف رهينة في يد التجار المستغلين والذين اتفقوا على جلد المصطاف بأسعار تضاف لما يحدث من فوضى واستغلال وضرب لقرار مجانية الشواطئ والمتاعب المالية التي يتلقاها المصطاف الجزائري، من خلال دفع إتاوات تتعلق بركن السيارة وكراء المظلات الشمسية والطاولات.

من نفس القسم الحدث