الحدث

دخلنا مرحلة ما بعد كورونا وهذه هي الأولويات

بعد فتح الشواطئ والمساجد وعودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها، خبراء يؤكدون:

 

بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجيا بالجزائر بعد رفع القيود وإعادة فتح المساجد والشواطئ، وهو ما يعتبر بداية دخول مرحلة ما بعد كورونا التي تفرض التفكير في عدد من الأولويات، منها الأولوية الاقتصادية التي يرى الخبراء أنها تتمحور حول ضبط خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي وتعميق الإصلاحات الاقتصادية، خاصة النظام المالي والمصرفي، الجبائي والجمركي.

 

يرى خبراء الاقتصاد أن الجزائر دخلت هذا الأسبوع مرحلة ما بعد كوفيد 19 التي تتطلب صرامة وحكمة في التسيير للخروج من الضائقة المالية التي تسبب فيها الحجر الصحي الناجم عن جائحة كورونا، مؤكدين أن الأولوية اليوم هي الإعلان عن إصلاحات مالية لإنقاذ المؤسسات الجزائرية، وأيضا التخلص من سوق الصرف الموازي وتقديم تسهيلات بنكية للمدخرين وأصحاب الصكوك وبطاقات الدفع الإلكتروني، وإقرار إصلاحات مالية جبائية، إضافة إلى تفعيل البورصة التي يمكن أن تكون أحد خيارات التمويل الجديدة للمؤسسات خلال المرحلة المقبلة، ومنح تسهيلات للمؤسسات الجديدة ومعرفة المفهوم الحقيقي للمؤسسات الناشئة وليس مجرد استنساخ النماذج الأجنبية، مؤكدين أن عودة السياحة الداخلية هي فرصة لإنعاش هذا القطاع الذي عانا من منافسة أجنبية شديدة، رغم أن الجزائر تزخر بمقومات سياحية لا توجد في بلدان أخرى.

تحديات كبيرة في انتظار الحكومة لإعادة ضبط وتصحيح مسار الاقتصاد الوطني

وفي هذا الصدد، يؤكد البروفيسور رمضاني لعلا أن المرحلة الماضية ألحقت أضرارا كبيرة بالاقتصاد الوطني يجب المسارعة لمعالجتها اليوم، من خلال إعادة الحياة للمؤسسات التي دخلت مرحلة الإنعاش بسبب تجميد النشاط الاقتصادي، وأيضا تقديم تطمينات للشركاء الأجانب. 

ويرى لعلا أن مرحلة ما بعد كوفيد 19 التي دخلتها الجزائر بتخفيف القيود وفتح الشواطئ والمساجد وعودة جل النشاطات التجارية، هي مرحلة ضرورية لتقييم الاقتصاد الوطني ورسم ملامح وخطة اقتصادية ستظهر آثارها خلال المرحلة المقبلة. 

وقال لعلا إنه وفي سبيل إرساء قواعد الجزائر الجديدة للوصول إلى التنمية الشاملة والمستدامة، هناك تحديات كبيرة على الحكومة رفعها، منها إعادة النظر في النظام الاقتصادي الذي يعطي الحرية الاقتصادية للمتعاملين الخواص المحليين والأجنبيين، ويجب أن تهتم الدولة فقط بتنظيم وتأطير الاقتصاد، يضيف لعلا الذي قال إنه من الضروري وضع نموذج اقتصادي واضح يهدف إلى التنويع والإقلاع الاقتصادي، من خلال مراحل زمنية يتم رسمها، مع تقييم كل مرحلة لتصحيح الوضع وصولا إلي الأهداف المسطرة، مع تعميق الإصلاحات الاقتصادية، خاصة النظام المالي والمصرفي، الجبائي والجمركي، ومراجعة قوانين السياسة المالية للدولة (ميزانية الدولة)، حيث هناك أموال ضخمة تصرف دون فائدة اقتصادية واجتماعية، أي العمل على ترشيد الإنفاق العام والتقليل من عجز الميزانية. من جانب آخر، أوضح لعلا أنه من الضروري وضع استراتيجية تمكن بنك الجزائر من توفير السيولة النقدية اللازمة لدعم أداء الأسواق وتخفيف الضغوط على أسواق التمويل، من خلال عمليات السوق المفتوحة، والتوسع في الإقراض، وغير ذلك من الإجراءات مثل عمليات الشراء المباشر وتسهيلات إعادة الشراء. 

مشيرا أن التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا خلف إضعافا لقدرة المقترضين على خدمة ديونهم، وتقليص مكاسب البنوك، ما يؤدي في النهاية إلى الإضرار بسلامة البنوك واستقرارها. وينبغي التصدي لذلك عبر تشجيع البنوك على ممارسة المرونة التي تتيحها القواعد التنظيمية القائمة، وإعادة التفاوض بحذر على شروط القروض الممنوحة للمقترضين الواقعين تحت ضغط الدفع. 

كما ينبغي ألا يتم تخفيف القواعد الموضوعة لتصنيف القروض ورصد مخصصاتها، ويتعين مراعاة أكبر قدر ممكن من الدقة في قياس القروض المتعثرة والخسائر المحتملة. هذا واعتبر لعلا أن تعزيز الأمن الطاقوي بالدخول في شراكة أجنبية تمتلك الخبرة والتكنولوجيا المتطورة، أيضا يعد أولوية مع إعادة دراسة وتشخيص كلي لأهم مصادر الطاقة في الجزائر، حتى يمكن وضع استراتيجية واستشراف مستقبلي، مقترحا إنشاء لجنة مختصة في مجال الطاقة من اقتصاديين ومهندسين على المستوى الوطني وخبراء دوليين من أجل بناء نموذج واستراتيجية لضمان الأمن الطاقوي المستدام في الجزائر، داعيا في ساق آخر لتعزيز الشراكة الأجنبية وإعادة مراجعة كل الاتفاقيات على المستوى الإقليمي والدولي، ما يخدم المصلحة الوطنية وإعادة تحيين الإجراءات الاقتصادية والقانونية الخاصة بقطاع الطاقة في الجزائر، وذلك من أجل توفير مناخ مناسب للشركات الأجنبية المختصة ذات تكنولوجيا عالية وتكاليف منخفضة في مجال التنقيب والاستكشاف وزيادة الإنتاج والتصدير. 

من جانب آخر، وفيما يتعلق بالتحول الرقمي، أوضح لعلا أنه من الضروري استغلال الثورة المعلوماتية للوصول إلى الحكومة الإلكترونية التي تؤدي إلى التفاعل والتواصل بين الحكومة والمواطنين، وبين الحكومة ومؤسسات الأعمال، والعمل على التحول الرقمي الذي أصبح ضرورة قصوى وليس فقط اختيارا لتحقيق التنمية وولوج مصاف الدول الصاعدة، بالاهتمام بالجامعة وبالبحث العلمي، وإعطائها الأولوية في مخططات الاستراتيجية، وضمن سياستها العامة للارتقاء بالبحث العلمي، وتسخيره في خدمة التنمية الشاملة والمستدامة، والعمل على الاستثمار في رأس المال البشري الذي يعتبر من أهم مقومات تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

من نفس القسم الحدث