الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
وسعت الأزمة الصحة التي تعيشها الجزائر بسبب استمرار تفشي فيروس كورونا من الكتلة النقدية المتداولة خارج البنوك والأطر الرسمية، في حين شجعت أزمة السيولة التي تعاني منها البنوك ومؤسسات البريد المواطنين على اكتناز أموالهم في منازلهم، وهو ما ضاعف من حدة هذه الأزمة التي ستكون لها آثار سلبية على الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط.
أكد خبراء اقتصاديون أن الأزمة الصحية وسعت حجم الأموال المتداولة خارج الأطر الرسمية، وهو ما خلق أزمة السيولة التي تعرفها البنوك ومكاتب البريد، في حين من المنتظر أن تستمر الأزمة وقد تشتد أكثر في الفترة المقبلة، مع اتساع أكبر لحجم الأموال المكتنزة في البيوت، خاصة مع الإجراءات التي عمدت إليها مؤسسة بريد الجزائر من أجل الحفاظ على توفر السيولة للمواطنين، ما دفعها لمنع سحب الأموال بالنسبة للأشخاص المعنويين والشركات.
وزيادة على الآثار السلبية الفورية التي خلقتها أزمة السيولة، فإن توسع الكتلة النقدية المتداولة خارج الأطر الرسمية ستكون لها آثار مدمرة على الاقتصاد الوطني والمنظومة المالية على المدى المتوسط. وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، أمس، أن الأموال المتداولة خارج البنوك الرسمية في الجزائر باتت معضلة بالنسبة للسلطات، خاصة أمام اتساع رقعتها بسبب الأزمة الصحية.
وأشار لالماس أن أرقاما وإحصائيات غير رسمية تقدر الأموال المكتنزة خارج البنوك وما يجري تداوله أيضا في الأسواق الموازية، بنحو 30 إلى 50٪ من الناتج الداخلي الخام للبلد، في وقت تقف الحكومة عاجزة عن استرجاعها، رغم حاجة البلاد الملحة لهذه الأموال بعد انهيار أسعار النفط وشح مداخيل البلاد.
وأضاف المتحدث أن مدخرات الجزائريين المكتنزة في المنازل ارتفعت بنحو 30 بالمائة منذ بداية أزمة كورونا، بينما تراجعت السيولة النقدية في البنوك ومراكز البريد، وهو ما ينذر بأزمة مالية إن استمر الوضع كذلك، معتبرا أن الإجراءات التي اتخذتها مؤسسة بريد الجزائر ستشجع أكثر المواطنين ورجال الأعمال والشركات على اكتناز أموالهم خارج الأطر الرسمية، مشيرا أن هذا الوضع ستكون له آثار سلبية متوسطة وبعيدة المدى على الاقتصاد الوطني الذي يعاني أصلا بسبب الأزمة الصحية وتراجع أسعار النفط.
واقترح الخبير ذاته ضرورة القضاء على سوق الصرف الموازية في الجزائر بتحرير سوق الصرف بشكل عام، مشيرا في هذا السياق إلى أن الجزائر تصنف في خانة البلدان القليلة في العالم التي ما زالت تعاني من هذه المشكلة، أي وجود سوقين للصرف وبينهما فارق كبير في السعر يصل إلى نحو 50٪، رغم وجود الأطر القانونية التي تسمح بإنشاء مكاتب الصرف المعتمدة التي تتطلب إعادة النظر في ظروف عملها من طرف السلطات، داعيا للإسراع في الاعتماد على الخدمات الإسلامية لاسترجاع الأموال المتداولة خارج البنوك، وتوحيد سوق الصرف من حيث السعر بين البنوك ومكاتب الصرافة المعتمدة، مع تسجيل اختلاف بسيط في الهوامش، ما من شأنه جعل المتعاملين الاقتصاديين يلجأون إلى البنوك لتقديم أموالهم من العملة الوطنية بغرض تحويلها أو إلى مكاتب الصرافة، وتكون هذه الأخيرة مضطرة لتحويلها للبنوك بقوة القانون لإيداعها والتصريح بها.
للإشارة، فإن أزمة السيولة خلال الأيام الأخيرة لم تمس مؤسسة بريد الجزائر وإنما كافة القنوات الرسمية، على غرار البريد والبنوك والتأمينات، وهذا بسبب تهافت المواطنين على سحب أموالهم خلال فترة كورونا، مقابل تراجع كبير جدا في نسبة الإيداع، حيث يرفض الكثير من المواطنين والتجار ورجال الأعمال ادخار أموالهم بالقنوات الرسمية ويفضلون اكتنازها كسيولة ملموسة بالمنازل، في وقت لجأ عدد كبير من المواطنين إلى سحب أموالهم لتدبر مصاريف الجائحة، مع العلم أن الأغلبية الكبرى توقف نشاطهم خلال هذه الفترة، وهو ما أوقف عملية ضخ الأجور وفاقم من حدة الوضع، فنسبة الإيداع تراجعت بما يصل 80 بالمائة، في حين أن نسبة سحب الأموال تضاعفت بشكل كبير.
وحسب الخبراء، فإن الأزمة وإن كانت ترتبط بفترة الحجر الصحي وتوقف النشاط الاقتصادي على مستوى كافة القطاعات بداية من شهر مارس الماضي، فإنها تحمل في طياتها أيضا انعكاسات حالة الجمود التي كانت تشهدها النشاطات الاقتصادية سنة 2019، فلا مشاريع اقتصادية جديدة، ولا استثمارات بالعملة الصعبة، ولا قروض بنكية، ولا مؤسسات جديدة، وهو ما فاقم من حدة الوضع اليوم، وجعل الأزمة تدخل سنتها الثانية.