الحدث

زغماتي يؤيد منح القضاء الإداري أدوار أوسع في مكافحة الفساد

أعلن إصلاحات عميقة في منظومة التكوين، التوظيف وتشريعات العدالة

 

جدد وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، انتقاداته لآليات التكوين والتعيين في الوظائف التابعة لسلك القضاء، مبرزا الحاجة لتعزيز دور القضاء الإداري في مكافحة الفساد.

 

بلقاسم زغماتي شدد في خطاب له في افتتاح أشغال اجتماع رؤساء ومحافظي الدولة لدى المحاكم الإدارية أمس بالعاصمة، على أهمية الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المتجددة لقضاء ذي نوعية، يحمي الحقوق ويضع حداً لأشكال التعسف، مبرزا أن القضاء الإداري يتميز بخصوصيات تجعل التركيز على بعض الجوانب أكثر من ضروري، مشيرا إلى أن المحاكم الإدارية منذ إنشائها عانت من إشكالية الموارد البشرية العاملة بها، وقال أن كثيرا ما كان يعين بها قضاة من غير ذوي التخصص، وقد وصل حدّ الاستخفاف بهذه الوظيفة عالية الخطورة والتعين فيها من لم يسبق له التكوين الكافي في المنازعات الإدارية.

وحيا الوزير من جهة أخرى من وصفهم بذوي  "الضمائر الحية لدى الكثير من القضاة الذين طالبوا بتعديل أحكام  قانون في جانبها المتعلق بالإجراءات الشكلية المؤدية لصدور أحكام بعدم قبول الدعاوى"، مؤكدا أنه "يشاركهم هذا الرأي, وهو ما يسعى إلى تحقيقه"، وقال في ذات الشأن أن "وجوبية ترجمة الوثائق الصادرة بغير اللغة العربية إجراء يتناقض مع الواقع الجزائري الذي لا تزال تستمر فيه المؤسسات العمومية في إصدارها بغير اللغة العربية"، متسائلا : "هل من المنطق إلزام المواطن الخصم مع الإدارة ترجمة الوثيقة التي أصدرتها هي والدفع بها في مواجهتها, فضلا عن ذلك فإن ترجمة عدد كبير من الوثائق كما هو الحال عليه في بعض القضايا، يقتضي مصاريف غير متناسبة تتناقض مع مبدأ مجانية التقاضي"، وأشار أن "رقمنة الملف القضائي تحوز على المكانة المرموقة وان الوزارة طلبت من رؤساء ومحافظي الدولة لدى المحاكم الإدارية "تقييم وضعية عصرنة العمل القضائي في المحاكم الإدارية تمهيدا لتعميم هذه الرقمنة".

وقال أن الأمر "لا يتعلق بإدخال وظائف أو آليات جديدة جزئية لتسيير الملف القضائي، إنما يتعلق بمنظومة متكاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع احتياجات القاضي والمتقاضي والدفاع والإدارة القضائية، تمتد حدودها وفقا للتصور الذي سيعد مع المصالح التقنية للوزارة، إلى درجات التقاضي المختلفة"، مضيفا أن هذا التصور "يأخذ بعين الاعتبار تطور الممارسات في العالم ضمن الحدود التي تسمح بها التكنولوجيا المتوفرة".

وحثّ الوزير القضاة على "الاستعداد لهذه المرحلة"، مؤكدا أنه يعول في ذلك على "التزامهم الشديد واقتناعهم الأكيد بجدوى هذا المسعى وضرورته"، وأضاف أن الدستور "أسس لنظام الدولة الاجتماعية، لما تمنحه من امتيازات وإعانات عمومية وما تقيمه من مشاريع ذات نفع عام تتنازل عن حق ملكيتها أو حق الانتفاع بها بمقابل غير تجاري"، معتبرا أن "إحداث التوازن بين طرفي النزاع (الإدارة والمواطن) لا يعني أبدا التغافل وعدم اليقظة لحماية المصلحة العامة في إطار القانون"، مبرزا أن "المطلوب من القاضي الإداري المساهمة في الحفاظ على الدولة الاجتماعية وفي ذلك خدمة لمصلحة المواطن نفسه".

 

دور أكبر في مكافحة الفساد 

ومن أوجه حماية الدولة الاجتماعية حسب ممثل الحكومة "المساهمة في محاربة الفساد في إطار الآليات التي يوفرها القانون"، مذكرا أنه سبق له منذ شهر أوت 2019، "التأكيد على أنه من غير المجدي إنكار ما هو جارٍ في إداراتنا ومؤسساتنا العمومية من تفشي ظاهرة الفساد التي شوهت سمعتها وسمعة موظفيها وقلصت من فعاليتها وحطمت ثقة المواطن فيها".

وقال أن "الظرف الذي كانت تمر به بلادنا، وهو ظرف لا يزال قائما، يوقع على القضاء الإداري مسؤولية عظمى للمساهمة بجد في محاربة هذه الظاهرة المقيتة، بالكشف عن القرارات غير المشروعة وإعلان بطلانها وفقا للقانون بكل حياد وتجرد واستقلالية". 

وبارك الوزير في هذا الإطار "مقترح تعزيز صلاحيات محافظ الدولة بإعطائه سلطة إبلاغ النيابة بجرائم الفساد التي يحتمل معاينتها بمناسبة المنازعات الإدارية المعروضة"، غير أنه ترك الأمر لورشة العمل المكلفة بتعديل قانون الإجراءات المدنية والإدارية لدراسة هذه المسألة، بالإضافة إلى "إمكانية منح محافظ والدولة أيضا سلطة استئناف الأحكام، لاسيما عندما يلاحظ عدم اكتراث ممثل الإدارة المسير للمنازعة وعدم جديته في تقديم الدفوع أو استعمال طرق الطعن".

وكشف في ذات السياق أن دراسة أجراها مجلس الدولة ومركز البحوث القانونية والقضائية، سمحت بمعاينة وجود "اختلالات خطيرة في هذا الشأن لا يسكت عنها إلا من لا ضمير له ولا غيرة له على هذا الوطن".

من نفس القسم الحدث