الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
تأثر الاقتصاد الوطني خلال 2019 بالأزمة السياسية وتداعيات الحراك الشعبي الذي بدأ في فيفري، حيث عاشت الجزائر ما يشبه عزلة اقتصادية وركودا شبه تام في العديد من القطاعات، في حين تعدت أغلب المؤشرات الاقتصادية الخطوط الحمراء، وهو ما جعل الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أزمة اقتصادية ومالية جديدة تكون أكثر تعقيدا من الأزمة السياسية.
وعاش الاقتصاد الوطني خلال 2019 حالة من الركود بسبب تداعيات الحراك الشعبي والأزمة السياسية التي عرفتها الجزائر، في حين غاب دور الجزائر ودبلوماسيتها الاقتصادية عن الواجهة وتراجعت وانعدمت زيارة وفود الأعمال والمسؤولين الاقتصاديين للبلاد، في حين أثرت المظاهرات على النشاط الاقتصادي بطرق مباشرة وغير مباشرة، بينما أدت حملة القضاء على الفساد التي شملت عدة مسؤولين إلى تراجع المعاملات خاصة المالية منها. هذا وقد أثر الحراك الشعبي على وضع العديد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث عانت هذه الأخيرة وضعية صعبة وحالة من الركود الذي جعلها على حافة الإفلاس، واضطر بعضها لتسريح عمالها، في حين اشتكي المتعاملون الاقتصاديون في مجال الاستثمار من تجميد وبطء معالجة ملفات دفع أو طلب القروض، وهو ما جعل الخبراء الاقتصاديين طيلة السنة يطلقون صفارات الإنذار من أجل الإسراع في معالجة الوضع، محذرين من أزمة اقتصادية ومالية تعصف بالجزائر تكون أكثر من الأزمة السياسية التي عاشتها.
وبشأن عدد من المؤشرات التي تحكم الاقتصاد الوطني، فإن هذه الأخيرة أيضا لم تكن على ما يرام طيلة السنة، حيث تعدى البعض منها الخطوط الحمراء منذرة بتعقيد الوضع أكثر خلال السنوات المقبلة إن لم يتم التدخل من الحكومة الجديدة ووضع استراتيجيات وحلول ناجعة. فبالنسبة لأهم مؤشر اقتصادي للجزائر وهو معدل أو مستوى احتياطي الصرف، فقد واصل نزيفه بشكل حاد خلال 2019 حيث بلغ حسب آخر الأرقام التي أوردتها وزارة المالية ما دون الـ 70 مليار دولار، وهو رقم مرعب بالنسبة لدولة تقدر وارداتها السنوية بحوالي 40 مليار دولار، أي أن احتياطيات الصرف هذه لا تغطي سوى 18 شهرا من حاجة البلاد.
من جانب آخر، سجل الميزان التجاري للجزائر خلال 2019 مزيدا من العجز، حيث قدر تقرير صادر عن مصالح الجمارك هذا العجز بحوالي 1.84 مليار دولار. وأوضحت بيانات مؤقتة أن الصادرات الجزائرية ارتفعت إلى 13.33 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2019، أما الواردات فقد تراجعت إلى 15.17 مليار دولار. ووفقا لنفس البيانات، فقد استحوذ قطاع المحروقات على حصة الأسد من مبيعات الجزائر في الخارج خلال 2019 بإجمالي 93.54 بالمائة، حجم الصادرات بقيمة 12.47 مليار دولار، وهو ما يعني أن مساعي الحكومة لرفع قيمة الصادرات خارج المحروقات بقيت في مهب الريح.
من جانب آخر، فإن نسب التضخم هي الوحيدة التي حافظت على استقرارها خلال 2019 رغم أن الخبراء يشككون في الأرقام التي يوردها الديوان الوطني للإحصاء. وحسب هذا الأخير فقد بلغت وتيرة تطور أسعار الاستهلاك على أساس سنوي في الجزائر نسبة 2.5 بالمائة خلال السداسي الأول من 2019، في حين أنه خلال الثمانية أشهر الأولى لسنة 2019، عرفت مجمل أسعار الاستهلاك زيادة بنحو 1.9 بالمائة مقارنة بنفس الفترة لسنة 2018، وميز هذا التوجه نحو الارتفاع كل أصناف المنتوجات باستثناء المواد الغذائية التي سجلت تراجعا طفيفا بنحو 0.4 بالمائة والمواد الفلاحية الطازجة بـ 2.33 بالمائة. كما سجلت المواد الغذائية الصناعية زيادة بـ 1.60 بالمائة والمواد المصنعة 4.3 بالمائة والخدمات بزيادة بلغت 3.34 بالمائة. غير أن الخبراء يضعون أرقاما أخرى لنسب التضخم في الجزائر خلال هذه السنة، مشيرين أن النسب تكون قد اقتربت من 8 بالمائة بالنظر لوضع الأسواق التي عرفناها خلال 2019 ومستوى الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.
وبالعودة لتدهور القدرة الشرائية، يشير الخبراء أن هذه الأخيرة انخفضت بحوالي 30 بالمائة خلال 2019 خاصة في بداية السنة، حيث كانت آلة طبع النقود لا تزال تعمل. ويشير الخبراء خلال 2019 إلى تآكل للقدرة الشرائية والقيمة الاسمية للعملة الوطنية، حيث انخفضت قيمة الدينار مقابل الدولار والأورو بمستويات عالية جدا، وهو ما انعكس على الوضع المعيشي للجزائريين الذي زاد تدهورا مع بقاء نفس المشاكل مطروحة، منها البطالة وأزمة التنمية بالعديد من الولايات، وهو ما ترجم في شكل توتر عرفته الجبهة الاجتماعية طيلة سنة 2019.
هذا وتشير تقديرات الخبراء أن الحركة التجارية في السوق المحلية تراجعت بنسبة تتراوح ما بين 60 بالمائة إلى 70 بالمائة، خلال 2019 حيث شهدت أسواق معروفة مثل سوق الحميز للأجهزة الإلكترونية والمنزلية، وسوق السمار لبيع المواد الغذائية بالجملة بجسر قسنطينة، وسوق العلمة بسطيف، حالة ركود وتراجع في البيع وارتفاع العرض عن الطلب. وأشار الخبراء أن هذه الوضعية راجعة لتدني القدرة الشرائية للجزائريين خلال 2019 وتداعيات الحراك الشعبي، بينما بقيت الأزمة قائمة في أسواق أخرى على غرار سوق السيارات الذي عرف تعقيدا للأزمة التي يعيشها منذ 2014. فحسب عدد من رجال الأعمال من ملاك مصانع تركيب السيارات بالجزائر، فإن الاعتماد على نظام الكوطة في استيراد القطع والاجزاء الموجهة للتركيب دفع بالعديد من المصانع لتوقيف نشاطها وتسريح عمالها، وهو ما انعكس على أسواق السيارات الجديدة والمستعملة.