الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
واصلت العملة الوطنية مسلسل تهاويها خلال سنة 2019، حيث لم تفلح الإجراءات الترقيعية التي اعتمدتها حكومة تصريف الأعمال ولا الإشاعات التي شهدتها أسواق السكوار في رفع وتحسين قيمة الدينار مقابل الأورو والدولار، وهو ما جعل الخبراء الاقتصاديين يبدون تشاؤما كبيرا متوقعين مزيدا من الانهيار خلال سنة 2020، بالنظر إلى العديد من المؤشرات الموجودة على الساحة الاقتصادية.
وتهاوت قيمة الدينار الجزائري في السوق الموازية خلال 2019 إلى مستويات قياسية، في حين حافظت نوعا ما على استقرارها في الأسواق الرسمية، حيث بلغ 1 أورو مع نهاية السنة في أسواق السكوار 205 دينار، في حين وصل 1 دولار حدود 178 دج. أما في السواق الرسمية فقد وصل 1 أورو 132 دينار في حين وصل 1 دولار إلى مستوى 119 دج، وهي مستويات مرتفعة سجلت تقريبا طيلة السنة، بسبب ارتفاع الطلب على العملة الصعبة على مستوى الأسواق الموازية من طرف رجال أعمال وكبار التجار، خوفا من التداعيات التي أفرزها الحراك الشعبي على الوضع الاقتصادي.
ولم تفلح الإجراءات الترقيعية التي اعتمدتها حكومة تصريف الأعمال طيلة سنة 2019 في إنعاش قيمة العملة الوطنية التي بقيت متدهورة، خاصة على مستوى الأسواق الموازية التي يعتبرها الخبراء الاقتصاديون المعيار الحقيقي لقيمة العملة بعيدا عن المستوى الذي يحدد إداريا عبر البنوك. وأرجع الخبراء بقاء قيمة العملة متدهورة خلال 2019 إلى عوامل اقتصادية، أبرزها استمرار نزيف احتياطي الصرف وبقاء الاقتصاد الوطني غير منتج واستمرار اعتماد الدولة في مداخيلها على الريع البترولي، الأمر الذي يدفع إلى انهيار مباشر لقيمة العملة الوطنية. كل هذا يضاف إلى الوضع السياسي غير المستقر الذي عرفته الجزائر خلال 2019 والذي أثر بشكل مباشر على الحركية الاقتصادية وعلى أسواق العملة الصعبة التي عرفت توترا كبيرا وعدم استقرار، خاصة مع توجه العديد من رجال الأعمال لتحويل مدخراتهم المالية إلى العملة الصعبة وتهريبها نحو الخارج.
من جانب آخر، فقد شهدت أسواق العملة الصعبة في 2019 تداول العديد من الإشاعات التي أثرت بشكل مباشر على قيمة العملة الوطنية لأسابيع، حيث شهدنا ولأول مرة خلال صائفة 2019 انخفاضا في قيمة الأورو والدولار مقابل الدينار المحلي، بسبب إشاعات غير معروفة المصدر أكدت أن الدينار ارتفع بأكثر من 13 بالمائة مقابل العملات الأخيرة، وهو ما خلق ضبابية في الأسواق ودفع فعلا إلى انخفاض العملات الأجنبية، وهو ما استمر لأسابيع فقط لتعاود العملة الأجنبية الصعود مقابل تدهور قيمة الدينار أكثر خلال الأشهر الأخيرة من 2019.
هذا ومن المتوقع أن تتجه قيمة الدينار الجزائري، مجددا، نحو الانهيار انطلاقا من بداية السنة، حيث ذهبت المؤشرات الرسمية إلى توقع تراجعه بصورة أكبر على خلفية الاعتماد في قانون المالية للسنة 2020 تقدير بسعر صرف بنحو 123 دينار للدولار الواحد، بعد أن كانت الحكومة قد اعتمدت ضمن قانون المالية لسنة 2019 سعرا مرجعيا بـ 118 دينار للدولار الواحد، وهو ما يعكس تطورا سلبيا على العملة الوطنية، مع توقع استمرار تقلبات العملة الوطنية في السنوات التي تليها والتي يتوقع بلوغ سعر الصرف للدينار 133 دينار لدولار واحد في 2022. وفي الوقت الذي تتوقع الحكومة عبر وزارة المالية، استمرار تراجع احتياطي الصرف بصورة كبيرة، ويرتقب تراجعه إلى حدود 51.6 مليار دولار أو ما يعادل 12.4 شهرا من الاستيراد فقط، أي أقل من سنة ونصف السنة، ويرتقب أن يصاحب هذا التراجع مؤشرات اقتصادية أسوأ، فسعر صرف الدينار في السوق الرسمية ينبئ بأرقام مخيفة ووضعية كارثية وتراجع في قيمته بحوالي 5 دينارات عن كل دولار واحد، هي مؤشرات تبين أن الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد ليست على ما يرام، وتعافيها لن يكون في المستقبل القريب جدا.
وعن وضع العملة الوطنية خلال 2019، لم يخف، أمس، الخبير الاقتصادي الدولي، مبارك عبد المالك سراي، في تصريح لـ "الرائد"، قلقه من مستقبل الاقتصاد الوطني بفعل الانهيار المتواصل لعملة الدينار أمام الدولار الأمريكي والأورو، مشيرا أنه تم منذ بداية 2019 تسجيل تدهور خطير لقيمة العملة الوطنية، وهو ما جعل الجزائر تدخل في حالة طوارئ مالية، خاصة مع توجه رجال الأعمال والتجار وحتى العائلات للتخلي عن الدينار واللجوء إلى الادخار بالعملات الأجنبية. وأشار سراي أن ارتفاع أسعار العملات في الأسواق الموازية طيلة 2019 مرده مؤشرات اقتصادية متضاربة، وكذا لوبيات تقف وراء الأسواق الموازية للعملة، مشيرا أنه من الضروري على بنك الجزائر، وبالنظر للمؤشرات المسجلة في أسواق السكوار التي لا توجد إلى حد الساعة أي دراسة مسحية لتقدير حجمها، التحرك، حيث قال سراي إن استمرار اعتماد الجزائر سياسة ازدواجية سعر العملة، بات يحير الأجانب الوافدين إليها سواء للاستثمار أو للسياحة، وهو ما سيجعلها مضطرة خلال المرحلة المقبلة لحل المشكل واحتواء هذه المبالغ الموجودة خارج النطاق الرسمي، للقضاء على المضاربة وسياسة اغتنام الفرص التي تتحكم في الأسعار هناك، خاصة مع وجود مساع لجعل الاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة اقتصادا تنافسيا.