الحدث

على الحكومة أن تكون وظيفية.. والشعب من يقرر زوال الأحزاب أو استمراريتها

اقترح ضم مرافقة "قايد صالح" للانتقال الآمن "للأدبيات السياسية"، مهماه لـ"الرائد"

يرى الخبير الاقتصادي في الطاقات المتجددة، بوزيان مهماه، أنه لا يمكن معالجة حياة الأحزاب واستمرار وجودها في الساحة السياسية من خلال قرارات إدارية بالحل أو التجميد أو بالإحالة على المتحف، لافتا أن انفضاض الشعب والمناضلين عن الأحزاب يؤدي إلى نهايتها. وقال في حوار مع "الرائد" إنه على الحكومة المقبلة أن تكون وظيفية من خلال استحداث قطاعات وزارية وظيفية تؤدي وظائف أساسية ومحورية.

 

  • ودع الجزائريون رجلا زرع الأمل في نفوسهم وأخرج الجزائر من أزمتها وكان حامي الحمى لترابها الطاهر، كلمة حول رحيل الفريق أحمد قايد صالح؟

 

كتبت منذ أيام منشورا على صفحتي ودعوت فيه المجموعة الوطنية للاحتفاء بقائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح كقيادة رمزية للأمة الجزائرية، نظير الخدمات الجليلة التي أشرف عليها من خلال المؤسسة العسكرية وإسدائها لصالح الأمة الجزائرية، ومن خلال نجاحه في مرافقة الانتقال الديمقراطي السلس الآمن من عهدة رئاسية تم إسقاطها، إلى عهدة جرى انتخابها، وهذا سيتم مستقبلا باعتباره من الأدبيات السياسية وواحدا من النماذج الرائدة في الانتقال الديمقراطي في دول العالم الثالث والناشئة،.. رحيل أحمد قايد صالح البطل القومي للأمة الجزائرية، ستخلده الأمة الجزائرية كبطل قومي أعلن بمناسبة يوم العلم 16 أفريل 2019 أن "المؤسسة العسكرية بكل مكوناتها سترافق الحراك الوطني وستلبي مطالبه، وتعهد بأن طموحات الشباب الجزائري ستلبى دون أن تراق قطرة دم واحدة، واليوم وهو يرحل وقد وفى بعهده من خلال الوصول إلى انتخاب رئيس شرعي في انتخابات شرعية بكل سلاسة وفي سلمية.. أستحضر المشهد الدرامي الذي رافق الرئيس الأثيوبي الحائز لجائزة نوبل للسلام لهذه السنة، ففي الأسبوع الذي أعقب استلامه لجائزة السلام وقعت انتفاضة ومظاهرات ضده سقط فيها قتلى وجرحى. هذه الشخصية الحائز على جائزة السلام في مظاهرة واحدة شهدنا أشلاء المواطنين، بينما تحت قيادة الزعيم الجزائري أحمد قايد صالح مع مظاهرات دامت أكثر من 10 أشهر ومع شساعة الجزائر والحدود الملتهبة فلم يحدث أي شيء، كما أن الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، وأمريكا بكل جبروتها وتكنولوجياتها وإمكانياتها لم تستطع حماية حدودها ولجأت إلى الجدار.. لكنني أقول إن عمي الصالح كان هو الجدار الذي حمى الأمة الجزائرية.. جدار خلف مدارس الأمة بمدارسها التي خرجت إطارات المؤسسة العسكرية التي حمت الجزائر، أشبال الأمة الذين سيصبحون أسود الجزائر مستقبلا ورحمة الله على أحمد قايد صالح.

 

  • تتجه الأنظار في قادم الأيام إلى قصر الدكتور سعدان لمعرفة تركيبة الحكومة المقبلة التي تخلف حكومة تصريف الأعمال، ما هي توقعاتكم حول الخيارات المطروحة؟

 

ما يهم هو الذهاب إلى إعادة هيكلة عمل المؤسسات الجمهورية وأن لا نبقي على العمل بالمؤسسات القطاعية بشكلها الحالي، أنا من الداعين إلى استحداث وزارة كبرى للاقتصاد ووزارة للتخطيط والإشراف والإحصائيات ووزارة للجباية، وكذلك وزارة للموارد البشرية ووزارة للمؤسسات الناشئة ووزارة للاقتصاد الرقمي، بالإضافة إلى إخراج العديد من قطاعات النشاط من هيكلتها الحالية، على غرار الجمارك، وأدعو إلى إلحاقها بوزارة التجارة وإلحاق العمل بالتكوين المهني دون تعداد مختلف الإصلاحات التي ينبغي مباشرتها.. الحكومة المقبلة عليها أن تكون وظيفية من خلال استحداث قطاعات وزارية وظيفية تؤدي وظائف أساسية ومحورية، وذلك أولوية للمجتمع الجزائري بعيدا عن الهياكل البيروقراطية التي يبقى عليها التسيير الإداري بدلا من خدمات النشاط الاقتصادي والنفعي لصالح الأمة الجزائرية، بما في ذلك إعادة هيكلة قطاع الجماعات المحلية كالولاية والدائرة والبلدية، بأن نذهب سريعات إلى إلغاء مركز الدائرة من هيكل الإدارة المحلية والتوسع في تعداد البلديات وجعل المنصب القانوني للوالي كمنسق للنشاطات القطاعية على المستوى المحلي، مع الإسراع في إقرار قانون جديد للبلدية وقانون جديد للولاية "إصدار القوانين الجديدة للجماعات لمحلية" وإقرار منظومة الجباية المحلية.

 

  • تعيش أحزاب ما كان يعرف بـ"الموالاة" صراعات داخلية على غرار حزبي الأفلان والأرندي اللذين تقبع قيادتهما "أويحيى جميعي ولد عباس" بسجن الحراش"، ما هو مصير هذه الأحزاب؟ وهل ستستمر نظرا للتحولات التي تعرفها الجزائر؟

 

كل حزب سياسي يمتلك مقومات الوجود والاستمرارية والبقاء، فهناك أحزاب تقوم على أساس عقائدي أو أيديولوجي، ولذلك فاستمراريتهم ومبرر وجودهم مرتبط بأهمية الحضور لهذه العقيدة أو الأيديولوجيا، وهناك أحزاب أخرى تقوم على أساس برامج سياسية، ولذلك فهي تناضل على أساس هذه البرامج للوصول إلى السلطة لتنفيذ رؤاها وبرامجها، ولذلك مبرر بقائها واستمراريتها مرهونة بمدى الوفاء بتنفيذ هذه المضامين، لذلك حينما نسقط هذا المنظور على حزب جبهة التحرير الوطني نقول إن جبهة التحرير الوطني استنفدت مبررات وجودها واستمراريتها وبقائها، وعلينا أن نستحضر المقولة الشهيرة التي قيلت مع نهاية الانفتاح السياسي في ثمانينات القرن الماضي "أيها الحزب تجدد أو تعدد أو تبدد"، جبهة التحرير الوطني خرج من تحت معطفها العديد من الكيانات السياسية، كما أنه في العشرين سنة الأخيرة فقط خرج من تحت جبتها جبهة المستقبل التي يرأسها عبد العزيز بلعيد الذي كال عضوا في اللجنة المركزية للجبهة، كما خرج من تحت جبتها طلائع الحريات برئيسها علي بن فليس الذي كان أحد الرموز البارزة والقياديين البارزين في جبهة التحرير الوطني، أو العديد من القيادات السياسية للجهة، ولذلك نقول إن الدعوة الأولى لتجدد الحزب قد تجسدت، لكن دعوة التجدد التي حاول قيادتها المرحوم عبد الحميد مهري، القامة السياسية، لم تفلح، ونستحضر كلنا ما سمي بالانقلاب العلمي عليه، ولذلك بالنسبة لي ما تجسد من تعدد للكيانات التي خرجت من تحت معطف جبهة التحرير الوطني ومن مسائل تجددها لم تفلح كلها في الارتقاء بالحزب في رمزيته الحاملة لنضالات الشعب الجزائري، وكإرث سياسي مشترك للأمة الجزائرية لم تستطع الارتقاء بالحزب لتخرجه من حالة الآلة والجهاز كما كان يسمى "القيادات التاريخية للأفلان تسمي الحزب بالجهاز"، ولذلك بقاء جبهة التحرير الوطني في حالة ارتباط بمفهوم الآلة السياسية التي تستخدم بمفهوم الآلة السياسية التي تستخدم عند الحاجة وبتشكل وتمصغر الجهاز.

جبهة التحرير الوطني لم تستطع التخلص من ذهنية الجهاز وممارساته، فهي أصبحت مهددة مستقبلا بأن تقع تحت طائلة التبدد، وهذا التبدد سيأتي عن طريق ثلاثة عوامل أسياسية، أهمها افتقادها مستقبلا الآلة الإدارية التي تعمل لصالحها، وافتقادها لرجال المال الذين يضخون أموالهم في الجهاز أملا في مضاعفة أرباحهم من خلال مكاسب سياسية، ومن خلال انفضاض المناضلين والشعب حول الجبهة، ولذلك بالنسبة لي إذا افتقد أي حزب الروافد البشرية التي تشكل الدم المتجدد في شرايينه وبما يعطيه جيشا من المناضلين، لا يمكنه أن يبقى قوة سياسية بل سيضمحل دوره، ولذلك بالنسبة لي فإن كل من يدعو إلى حل الجبهة أو إحالتها على المتحف هو غير صائب في دعوته ومطالبه، لأنه لا يمكن معالجة حياة الأحزاب واستمرار وجودها في الساحة السياسية من خلال قرارات إدارية بالحل أو التجميد أو بالإحالة على المتحف، لأن الشعب هو من يقرر استمرار أي حزب سياسي، وانفضاض الشعب والمناضلين عن أي حزب سياسي هو الذي ينهي وجوده.

أما الأرندي فقد خلق في ظروف خاصة جدا ارتبطت بالعشرية السوداء والإرهاب وتهديد أسس الدولة الجزائرية، ولد حزبا إداريا يتغذى من هيمنة الإدارة ومن قدرات الدولة الجزائرية ومن المناصب السياسية التي تشكل روافد الانتماء له، ولذلك في اعتقادي فإن استقلالية الإدارة مستقبلا وفصل المال عن السياسة وأن نتوجه إلى جعل المناصب الإدارية من الكفاءات، وكذلك المنصب السياسي التكنوقراطي والممارسة الحزبية، هذا أيضا سيشكل انقطاع الشرايين التي تمد حزب الأرندي بمقومات الوجود والحياة والاستمرارية.

 

  • يرى المتتبعون للشأن السياسي وحتى بعض البرلمانيين أنفسهم أن الذهاب إلى حل البرلمان بغرفتيه ضروري في هذه المرحلة الحساسة التي تعيشها الجزائر، ما تعليقكم؟

 

أعتقد أن كل التغييرات الجوهرية في عمل مؤسسات الدولة الجزائرية والوصول إلى حالة التوازن والتناغم بين مختلف السلطات والهيئات يمر حتما عن طريق إقرار دستور جديد للبلد، وأرى أن حل المجلس الشعبي الوطني سيكون بعد إقرار الدستور الجديد، لأنه لا يمكن حل البرلمان والذهاب إلى تشريعيات مسبقة، ثم بعد ذلك لإقرار دستور جديد يمكن من خلاله التغيير أصلا أو إلغاء مجلس الأمة أن نذهب مجددا إلى انتخابات جديدة.. المسار واضح، تغيير الدستور ثم إصدار القوانين العضوية بما فيها قانون الأحزاب الجديد وقانون الانتخابات الجديد، ثم بعد ذلك نذهب إلى تجديد تركيبة المجلس الشعبي الوطني، نحن ملزمون من هنا إلى غاية تلك الآجال على التعايش مع الشرعية المنقوصة للهيئات التشريعية والمجالس المنتخبة والتعايش مع الأحزاب المعتمدة في الساحة السياسية ومع تركيبة المجتمع المدني الموجود والمؤسسات الموجودة، لكن بعد تغيير الدستور والقوانين العضوية الناظمة لقانون الأحزاب والجمعيات... نتطلع حقيقة إلى تطهير الساحة السياسية والجمعوية من كل الطفيليات القاتلة للعمل السياسي الهادف والجمعوي الذي يشكل رافدا ثالثا للتنمية الاجتماعية. وهذا التطهير يكون من خلال القضاء على سبل الانتفاع من موارد الأمة بالأشكال السائدة حاليا.

 

من نفس القسم الحدث