الحدث

المسؤولون المحليون في قفص الاتهام؟!

أمطار الخريف تطرح جدلا بشأن جاهزية السلطات المحلية للتصدي لمشكل الفيضانات

صنعت مرة أخرى الكوارث التي شهدتها عدد من مناطق الوطن على مدار الأسبوع الجاري، بسبب أمطار طوفانية، الجدل بشأن مدى جاهزية السلطات المحلية والولائية للتصدي لمشكل الفيضانات ونحن على أبواب فصل خريف وشتاء يرتقب أن يكونا ممطرين، حيث تورط المسؤولون المحليون مرة أخرى في التقصير، ليصنف شهر سبتمبر لهذه السنة بشهر الفيضانات بعد شهر أوت الذي كان شهر الحرائق.

وعاشت العديد من ولايات الوطن طيلة الأسبوع الماضي والأسبوع الجاري كوارث حقيقية بسبب فيضانات أودية وسيول جارفة، تسببت فيها أمطار طوفانية تساقطت على أكثر من 12 ولاية. وتسببت هذه الكوارث في خسائر مادية وكذا خسائر بشرية.

وحسب بيان لمصالح الحماية المدنية أمس، فقد تدخلت هذه الأخيرة خلال الـ 48 ساعة الماضية على إثر التساقط الغزير للأمطار، لاسيما عبر ولايات ڤالمة، قسنطينة، ميلة وولاية بسكرة، وتمكن أعوان الحماية المدنية ببلدية وادي العثمانية بولاية ميلة من إنقاذ شخص يبلغ من العمر 51 سنة في حالة حرجة، توفي بعدها بالمستشفى، كان على متن سيارة بالمكان المسمى مشتة العرعارة، بعد أن جرفته سيول الوادي، في حين تواصلت عملية البحث عن امرأة كانت على متن نفس السيارة، بحيث تم تدعيم الفرق المتدخلة بفرق مختصة في سينوتقنية والغطس جاءت من الولايات المجاورة. أما بولاية ڤالمة فقد قامت نفس المصالح بإنقاذ شخص على متن سيارة كان محصورا بسبب ارتفاع منسوب المياه من جراء الأمطار الغزيرة على مستوى قرية بلهتاف ببلدية تاملوكة، كما قامت بعدة عمليات امتصاص المياه المتسربة لعدة سكنات عبر عدة بلديات. وعاش سكان تبسة، أمس الأول، ليلة بيضاء، بعدما غمرت الأمطار الطوفانية أحياء وتجمعات سكنية، إضافة إلى السيول التي جرفت السيارات التي كانت مركونة في الشوارع. السيناريو ذاته شهدته مناطق أخرى من الوطن على غرار أم البواقي والمدية وتيسمسيلت، وتسببت الأمطار في هذه المناطق في خسائر مادية كبيرة للسكان والتجار.

 

    • سوء التخطيط يرفع من المناطق المعرضة للفيضانات

 

وقد خلفت هذه الكوارث موجة استياء كبيرة وسط الجزائريين الذين حملوا السلطات المحلية المسؤولية، معتبرين أن سوء التخطيط وغياب أجهزة اليقظة جعل الجزائريين رهينة الكوارث. فمن حرائق الصيف إلى فيضانات الخريف دائما، ما يدفع المواطن ثمن تهاون وتقصير مختلف السلطات، في حين أطلق المختصون في الكوارث الطبيعية جرس الإنذار، معتبرين أن هذه الكوارث هي أولية وهي نتاج اضطرابات جوية تعد بداية موسم الاضطرابات، مؤكدين أن الأمر سيكون أكثر خطورة خلال فصل الشتاء المقبل إن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة. وحسب تقارير وزارية فقد ارتفع عدد المناطق المهددة بالفيضانات في الجزائر ليبلغ 900 منطقة هذا العام، بعد أن قدرتها وزارة البيئة السنة الماضية بـ 700 منطقة.

ويرجع هذا الارتفاع في النواحي التي تواجه خطورة الفيضانات إلى المشاريع العمرانية والاستثمارية التي أقيمت هذا العام في مناطق منخفضة، ولجوء بعض المستثمرين إلى تشييد المنشآت العمرانية والاقتصادية الخاصة بمحاذاة الانهار، بعد أن غيروا من مساراتها لتشييد مصانعهم ومبانيهم، وتركيزهم على الجانب الجمالي الأفقي للمباني، دون منح أهمية لإمكانية حدوث كوارث على نار هادئة في البنية التحتية التي تمر من خلالها قنوات الصرف الصحي ونقل المياه الصالحة للشرب، حيث دشنت هذه السنة مشاريع تميزت بالفوضوية والاستعانة بالعشوائية في تجسيدها، خاصة في جزئها السفلي المتمثل في قنوات الصرف الصحي التي لم تدخل بعضها ضمن شبكة الصرف الصحي الرئيسية للبلديات المعنية.

 

    • مواطنون يأخذون زمام المبادرة ويباشرون حملات لتنظيف المجاري والبالوعات

 

من جانب آخر، توجد العديد من البالوعات والمجاري في حالة كارثية، حيث لم تتم تهيئتها وتنقيتها إلى غاية الآن، وتغمرها الأتربة والأحجار منذ شهر ماي المنصرم، وهو ما من شأنه أن يمهد للكارثة، وهو ما جعل مواطنين وجمعيات حماية البيئة بالعاصمة وعدد من الولايات يبادرون بأنفسهم لتنقية هذه البالوعات، خوفا من الفيضانات. وتفاجأ العديد من المواطنين لهول الصور التي خلفتها الأمطار الطوفانية في بداية الخريف، حيث شكلت المشاهد التي باتت تتكرر كل سنة مع بداية تساقط أولى زخات المطر، من فيضانات في الأودية وانسداد للبالوعات وغيرها، صدمة حقيقية للجزائريين، ما جعلهم يأخذون زمام المبادرة بأنفسهم في ظل تقصير السلطات في أداء دورها.

 

    • أين ذهبت تعليمات وزارة الداخلية الأخيرة؟

 

وبالحديث عن تقصير السلطات، فإن الفيضانات الأخيرة التي عرفتها عدد من الولايات، جعلت العديد من الأسئلة تطرح حول تطبيق الولاة والأميار لتعليمات وزارة الداخلية التي أطلقتها شهر أوت الماضي، والتي أمرت فيها هؤلاء المسؤولين بضرورة تجنيد كافة الوسائل والأنظمة المتاحة من خلال استغلال محطات التنبؤ بالكوارث الطبيعية التي اقتنتها وزارة الموارد المائية العام المنصرم، بالإضافة إلى التكفل بالنقاط السوداء خاصة التي تشهد الكوارث الطبيعية الموسمية، على شاكلة الفيضانات التي عهدتها البلديات التي تعاني من سوء المراقبة الدورية للمجاري المائية، مع تحسيس البلديات بضرورة البدء في التكفل بصيانتها قبل حلول سبتمبر القادم. كما دعت أيضا رؤساء البلديات إلى مراجعة البؤر التي شهدت فيضانات سابقة في بلدياتهم وإخضاعها للمراقبة الاستعجالية، بهدف تجنب الخسائر البشرية والمادية العمومية والخاصة، مع ضرورة وضع مخططات وقائية بالاعتماد على كافة الوسائل المتاحة لمواجهة مثل هذه الأخطار، غير أن الكوارث الأخيرة كشفت أن هذه التعليمات بقيت مجرد حبر على ورق.

س. زموش

من نفس القسم الحدث