الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
تتشابه الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد مع تلك التي عاشها الجزائريون ضمن ما يعرف بـ"أحداث الخامس من أكتوبر 88"، التي تمر اليوم ذكراها الـ 29، خاصة مع أزمة النفط التي أخلطت حسابات الحكومة وبرامجها ومشاريع رئيس الجمهورية التي يراهن على الوفاء بها والالتزام بتطبيقها، رغم اختلالات ريع البرميل الذي فرض على الحكومة سياسة جديدة، كان يمكن تجاوزها منذ سنوات خلت، غير أن غياب الرؤية الواضحة وغياب الإرادة السياسية حال دون تحقيق مكاسب ذلك الحراك الذي تشبه ظروف الراهن الاقتصادي للبلاد والاجتماعي ما عاشه الجزائريون قبل 29 سنة خلت.
• الأداء الاقتصادي والمالي للبلاد منذ أزمة الثمانينات إلى غاية الأزمة الحالية لم يتغير!
وبحسب الخبراء، فإنه وبعد مرور أكثر من 32 سنة على أزمة 1986 التي كانت الخلفية لأحداث 5 أكتوبر 1988، والتي بدأت بمطالب اجتماعية اقتصادية، استغلت فيما بعد لأغراض سياسية، تتكرر نفس الظروف رغم بعض التغييرات التي طرأت ببعض المؤشرات الحالية مقارنة بتلك الفترة. ويرى الخبراء أن بنية وهيكلة الاقتصاد الوطني لم تتغير من الثمانينات حتى الآن، حيث لا يزال هذا الأخير نظاما ريعيا يستند لبرميل النفط ويتأثر بتقلباته، وهو ما أفرز هذه الأزمة الشبيهة لحد ما بأزمة الثمانينات. ويري الخبراء أن الأداء الاقتصادي والمالي للبلاد خلال أزمة الثمانينات وخلال الأزمة الحالية لم يتغير، فالسلطات العمومية لا تزال تسير الوضع بنفس العشوائية، مع التوجه نحو الحلول الظرفية الترقيعية في غياب رؤية واضحة ومخططات مدروسة، يمكنها أن تحل جوهر الإشكال الذي يتخبط فيه الاقتصاد الجزائري منذ عدة سنوات.
وبالمقارنة مع الظروف التي عاشها الجزائريون خلال الثمانينات يتضح أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بين الفترتين، من بينها تدني القدرة الشرائية إلى مستويات مخيفة مثلما هو حاصل حاليا حيث يشتكي الجزائريون من هذا التدهور في قدراتهم المالية بسبب نسب التضخم التي ارتفعت إلى مستويات مخيفة، والغلاء الذي اجتاح كل المنتجات والخدمات، والضرائب التي فرضت على الجزائريين في قانوني مالية متتاليين، مع الحديث عن ضرائب جديدة قد يتضمنها قانون المالية لسنة 2018، مع تسجيل ندرة في العديد من السلع بسبب الشروط التي فرضت على الاستيراد في محاولة لكبح فاتورة هذا الأخير.
من جانب آخر يظهر قاسم مشترك آخر بين الفترتين، وهو تدهور قيمة العملة الوطنية، حيث فقد الدينار الجزائري حاليا أكثر من 30 بالمائة من قيمته بسبب التعويم المستمر المطبق من طرف بنك الجزائر، وكذا بسبب تآكل احتياطي الصرف، وهو الأمر المرشح للتفاقم أكثر خلال الفترة المقبلة، مع الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها فيما يخص طبع كتلة أوراق نقدية تضخ في السوق.
كل هذا في وقت لا يزال الأجر الوطني المضمون يتراوح في حدود الـ 18 ألف دينار جزائري، ولا تزال الأزمات المختلفة المتعلقة بالسكن والبطالة مستمرة بل وتتفاقم، وهو ما عقد الوضع الاجتماعي أكثر ووسع من دائرة الفقر عند الطبقة المتوسطة، وبدأ يساهم في ترسيم طبقية في المجتمع، ويبقى أصحاب الشكارة والأغنياء في منأى عن هذه الأزمة، في حين دفع المواطن البسيط الثمن وباتت كل إجراءات تقليل عواقب هذه الأخيرة تؤثر على معيشته بصفة مباشرة.
أما عن الفوارق بين الاقتصاد الوطني حاليا واقتصاد الثمانينات، والتي كانت السبب في تجنيب الجزائر نفس السيناريو الذي اتجهت نحوه البلاد آنذاك، يرى الخبراء أن البحبوحة المالية التي استفادت منها الجزائر خلال العشرية الأخيرة مكنت من بناء قاعدة تحتية تختلف عما كانت تملكه الجزائر في الثمانينات، ويتعلق الأمر بالطرقات والمؤسسات والمشاريع السكنية وغيرها، بالإضافة لاحتياطي الصرف الذي لا يزال يمثل هامش مناورة بالنسبة للحكومة، رغم أنه فقد نصف قيمته منذ بداية الأزمة الحالية في 2014، حيث يعد هذا الأخير صمام أمان على الأقل للثلاث سنوات القادمة، بالإضافة إلى عامل آخر يتعلق بفتح المجال أمام الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، حيث يمكن لهذا الأخير أن يساهم في خلق حركية في الاقتصاد الوطني بعيدا عن المحروقات، خاصة أن الحكومة تنوي مزيدا من التسهيلات لهذا القطاع في الفترة المقبلة وفتح المجال أمامه حتى في القطاعات التي كانت تحتكرها، وهي العوامل التي التقت مع عوامل اجتماعية أخرى تتعلق بتجربة الجزائريين السلبية مع التغيير، وكذا نمط العيش الذي اعتاد عليه أغلب الجزائريين، والذي لم يتأثر عند الكثيرين بالأزمة لحد الآن، ما جعل سيناريو الـ88 غير مطروح لا على المستوى الاقتصادي ولا حتى الاجتماعي والسياسي.
س. زموش