الحدث

أحزاب تنفخ في حجمها برفع سقف التوقعات قبل التشريعيات

في ظل انعدام مراكز سبر آراء لتوجهات الناخبين

 

رزاقي: الجامعات تكوّن في سبر الآراء لكن الحكومة مسؤولة عن غيابها

خبابة: مشكلة الأحزاب أنها تقيس حجمها بتصريحات وليس بمقاييس معمول بها

 

 

تعول الأحزاب السياسية المشاركة في تشريعيات 4 ماي المقبل لقياس مدى تأثيرها في الرأي العام "عبر تصريحات إعلامية وسياسية" دون الاعتماد على مقاييس معمول بها وذات مصداقية في سبر الآراء. واعتبر مراقبون أن مثل هذه التصريحات السياسية تشكل "سلاحا ذا حدين" في توجيه الرأي العام ومصداقية العملية الانتخابية، فالأستاذ الجامعي، عبد العالي رزاقي، يراها "فراغا" تستغله الأحزاب في ظل غياب مراكز سبر آراء متخصصة. أما المحلل السياسي، عمار خبابة، فيعتبرها "ضربا لمصداقية العمل السياسي" باعتبار أن النتائج غالبا تكون معاكسة لتوقعاتهم، وتلجأ الأحزاب لتبرير فشلها "بحجة التزوير".

وتكشف تصريحات الأحزاب السياسية في المرحلة التي تسبق انطلاق الحملة الانتخابية، المقررة يوم 9 أفريل، "تباينا" بين توقعات القوائم وعدد المقاعد المخصصة في كل ولاية. ففي الدائرة الانتخابية للعاصمة التي تحوز على 37 مقعدا في الغرفة السفلى للبرلمان، أطلقت عدة أحزاب على غرار حركة حمس والأفلان والأرندي والأرسيدي وتحالف الاتحاد وتاج والأمبيا "تصريحات سياسية وإعلامية" لتوقعاتها وحظوظها في عدد المقاعد. وحسب قراءة لتوقعات هذه الأحزاب، فإن "مجموع توقعاتها يفوق 80 مقعدا"، في حين أن حجم بعض الأحزاب الناشئة (على غرار تاج وأمبيا) وقاعدتها الشعبية لا تتجاوز "بضع مئات". وطرحت تصريحات متصدر قائمة العاصمة لحركة حمس، عبد المجيد مناصرة، "طموحه للوصول إلى 20 مقعدا"، بينما الحركة في أوج قوتها سنة 2012 حصلت على أغلبية مقاعد العاصمة بتعداد 13 مقعدا فقط. ومن جهته، أطلق الأفلان تصريحات سياسية بأنه "سيكون حزب الأغلبية في الجزائر كلها وتوقعاته لحصول على أغلبية مقاعد العاصمة بمجموع أكثر من 25 مقعدا".

هذه التصريحات السياسية والإعلامية التي تسبق انطلاق الحملة الانتخابية المقررة قانونا في 9 أفريل، يعتبرها مراقبون "سلاحا ذا حدين" سياسيا وأخلاقيا، فمن جانب سياسي، يعتبر متابعون للشأن السياسي أن "محاولات الأحزاب توجيه الرأي العام في هذه المرحلة مسموح سياسيا، لكنه قد تكون له تأثيرات في مصداقية العمل السياسي". وأضاف: "الإشكالية هي أن العمل السياسي والحزبي ليس جديا لدى الأحزاب، بحكم أنها لا تملك مؤسسات قاعدية لبناء توقعات مدروسة وواقعية وذات مصداقية"، أما أخلاقيا، فحذر مراقبون من "استغلال هذه التصريحات الاندفاعية في تبرير الفشل وجعلها حجة لوجود التزوير بعد ظهور نتائج الانتخابات".

وسألت "الرائد" الأستاذ في كلية الإعلام والاتصال، عبد العالي رزاقي، والمحلل السياسي، عمار خبابة، عن تأثيرات سبر الآراء غير "المؤسسة" على توجهات الناخبين، وكذا استغلال الأحزاب لهذا الفراغ سياسيا وأخلاقيا.

 

رزاقي: الخلل تتحمله الحكومة لأنها لا تشجع إنشاء مراكز سبر الآراء 

 

أرجع الأستاذ في كلية علوم الإعلام والاتصال (جامعة الجزائر-3)، عبد العالي رزاقي، الخلل الموجود في الساحة الوطنية عبر توقعات قياس توجهات الرأي العام إلى "عجز الحكومة عن إنشاء وتشجيع مراكز سبر آراء قادرة على قياس توجهات الرأي العام". وأضاف: "الجامعات تعمل على تكوين الآلاف من الطلبة في تخصص سبر الآراء، لكن في الواقع لا توجد مراكز دراسات ومراكز سبر آراء". واعتبر رزاقي أن "الأحزاب غير مسؤولة عن هذا الفراغ، بل تتحمله الحكومة والوزارات المعنية بذلك مثل الاستشراف والتنمية والإحصاء وغيرها". وذكر رزاقي أن "القول بمصداقية توجيه الرأي العام خطأ تقديري من الأحزاب، لأن المواطن إلى حد الآن لا يمكن معرفة توجهه لصناديق الاقتراع أو لا، فكيف بقياس توجهاته".

وفي نقطة ثانية، قال رزاقي "الأحزاب تحاول إعطاء حجم لها قبيل الانتخابات عبر تصريحات سياسية وإعلامية، لكن الواقع يقول أن توقعاتها غير مؤسسة وحتى وجودها دون برامج واضح"، وأضاف: "الأحزاب المحترمة تعلن عن برامجها أمام الرأي العام الوطني، لكن حاليا هناك مجرد تصريحات فقط". وختم رزاقي: "في الواقع هناك مجال تنافس بين الأحزاب خلال الحملة الانتخابية، والعامل الأخلاقي هو وحده من يفرض نفسه، أما قانونيا فلا يوجد مانع في هذه التصريحات".

 

خبابة: قياس حجم الأحزاب ليس بالتصريحات السياسية بل بالواقع 

 

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي، عمار خبابة، أن "هذه التوقعات من قبل الأحزاب قبيل الحملة الانتخابية تدخل ضمن التصريحات السياسية ولا غبار عليها من الناحية القانونية". وأضاف المحامي خبابة "القانون يحمي الناخبين من سبر الآراء قبيل 72 ساعة عن يوم الاقتراع، لكن باقي الأيام مسموح قانونيا"، مضيفا: "التصريحات السياسية للأحزاب التي لا تبنى على عمل ميداني قد تكون ضد الأحزاب وليس في صالحها". وأضاف: "بإمكان الأحزاب قياس مدى نجاحها عبر عدة آليات من خلال قواعدها النضالية والاحتكاك بالمواطنين وليس عبر تصريحات إعلامية وسياسية".

وفي نقطة ثانية، لم يستبعد خبابة "اعتماد هذه الأحزاب، التي تطلق تصريحات سياسية حول عدد المقاعد التي ستحوزها في البرلمان، لتبرير موقفها بعد ظهور النتائج". وأضاف: "استعمال هذه التصريحات كحجة أمر ممكن لتبرير فشلها"، وختم المتحدث أن "قياس توجهات الرأي العام في الوقت الراهن صعب جدا، لأن الأهم هو إقناع الناخب بالذهاب لصناديق الاقتراع وليس التصريح بتوقعات المقاعد التي سيحوزها أي حزب".

 

 

يونس بن شلابي 

من نفس القسم الحدث