الثقافي

الكوريغرافي المغربي الشهير خالد بن غريب: "الرقص المعاصر يحتاج لإخراجه من القوالب الجاهزة"

في محاضرة حول "الاستعجال والأهمية"

 

 

طرح مصمم الرقص والكوريغرافي المغربي خالد بن غريب رؤية وجودية تكاد تكون صوفية وروحية لطرائق تعليم الفن المعاصر وضرورة تفادي الصدام خلال العملية التعليمية بين المعلم والتلميذ، وهذا في محاضرة القاها في اطار فعاليات المهرجان الدولي للرقص المعاصر في طبعته السادسة. 

 

وضمن البرنامج المرافق لفعاليات الطبعة السادسة للمهرجان الثقافي الدولي لرقص المعاصر المتواصل بالمسرح الوطني محي الدين باشطارزي، قدم الكوريغرافي المغربي الشهير خالد بن غريب المقيم بفرنسا أمس بفندق السفير وبحضور مهمتين بفن الرقص المعاصر مداخلة بعنوان " الإستعجال والأهمية " وجاءت المداخلة ثمينة من حيث غزارة المعلومات وبساطتها رغم تعقيدات مستويات تأطير أغوار ومكانة الفن المعاصر في المجتمع لما يحدثه من خلخلة لبنية القيم الإجتماعية وغيرها وغاص المحاضر في الظروف والعوامل والمكونات الأساسية التي ينبغي توفرها لتحقيق العملية الفنية انطلاقا من الأسرة والفضاء الاجتماعي والثقافي والسياسي في مضمونها العصري لكن المتكئة في ذات الوقت على الموروث المحلي.

المحاضرة كانت بمثابة درس منهجي ميداني مميزا لأساليب وأوليات تعليم الفن بعيدا عن برودة البيداغوجيا الصارمة باعتبار الفن كائن حي يتطور ويتاثر ويؤثر في المحيط، ينمو ويصارع البقاء في مجتمعات ما تزال تنظر للفن كهامش وليس مركز رغم أهميته في تحقيق المواطنة والأنسنة في عالم يعج بالصراع.

طرح مصمم الرقص والكوريغرافي المغربي خالد بن غريب رؤية وجودية تكاد تكون صوفية وروحية لطرائق تعليم الفن المعاصر وضرورة تفادي الصدام خلال العملية التعليمية بين المعلم والتلميذ حيث تفتقد الرؤية التفاعلية بين المانح والمتلقي إذ تسود علاقة باردة بين الطرفين بسبب غياب رؤية منهجية وبيداغوجية إيجابية ما يدفع الإبداع على الضمور واختناق الطاقات ودعا إلى ضرورة ترك حرية المجال للتلميذ أو الطالب في إبداء رأيه وموقفه إتجاه ما يتلقاه من مادة تعليمية لخلق روح التنافس والإبداع وإبراز القدرات الفردية واحترام خصوصوية وحرية كل فرد في ٍرأيه وهنا يتحول الفن المعاصر إلى مستوى ممارسة ديموقراطية وتتماهي العملية السياسية مع العملية الفنية وتلتقي في ممارستها مع المنحى السياسي ومن هنا تتخوف السلط من رواج الفن المعاصر لأنه يحرض على الحرية والإبداع والتجاوز ويسعى للتحرر من السلطة الأبوية والرقابة والخنق. 

ويرفض المحاضر تلك الأبوة التي يمارسها المعلم الذي يعتقد أنه يملك الحقيقة ولا يشجع تلميذه ولايسمح له بالتعلم وفق بيداغوجية تسمح له بالابتكار والتناغم بين مختلف العناصر بل بيداغوجية باردة تلقينية يغيب فيها السؤال والمشاركة والاختلاف ودعا في سياقها إلى ضرورة إعادة النظر في البداغوجيا وليس المناهج التربوية في على المستوى المغاربي والعربي وفي أساليب التربية الفنية لأنه لكل ثقافة خصوصوياتها ورؤيتها البداغوجية وسجل تراجع وعطب في البداغوجيا المعتمدة في البلدان التي تعرضت فلإستعمار والكولونيايلة لأنها لا تراعي العوامل الجيوبوليتيكة والاجتماعية والنفسية وثمة حالة من الفصام بين البيداغوجيا والمتلقي الدي يعاني حالة فوضى بين النظري والواقع الذي يفرضه الراهن والمعيش بحكم أن تربيتنا تأثرت بالمدرسة الكولونيالية والقيم القبلية وقال أنه ينبغي إختيار عناصر من كل ثقافة وإبداع تقنيات لتحقيق تكوين فني متوازن ومتناغم وأشار أن تكوين فنان في الرقص المعاصر مثلا في فرنسا يستدعي 7 سنوات من التكوين والدراسة، ووزع المحاضر خالد بن غريب مستويات للتربية الفنية في فضائها خائص وملامح الشخصية وهندسة الأدجاء والبناء الجسماني والشحنات الثقافية التي تنبعث من الجسد وما يعكسه من قوة وفكر وحرية واندفاع والقوة وغيرها من المقومات وصولا إلى بناء المعنى في الرقص المعاصر وهي مراحل أساسية تعتمد على بيداغوجية تنقاعلية منسجمة بين الأنا والآخر والجماعة والتمكن من التقنية وأكد في سياقها أن فن الكوريغرايفيا هي من تصنع الإنسان والمواطنة والديموقراطية مشيرا في سياقها وتناول الكوريغرافي خالد بن غريب واقع ممارسة الرقص المعاصر في المغرب والصعوبات التي تواجهه ومعاناة ممارسيه حيث منع الملك الراحل الحسن الثاني ممارسة الرقص المعاصر في المغرب في بداية الـ80 من القرن الماضي من خلال منعه الراقص لحسن زنون من ممارسته فيما راجت رقص الباليه والرقص الفولكلوري، ولم ينفتح فضاء الرقض المعاصر سوى في سنة 1999 أين برمج أول عرض فضلا على تجربته في فرنسا ضمن تعاونية "2 كافار" بالمغرب. 

وأوضح خالد بن غريب أن 70 بالمئة من منتسبي مركز الرقص المعاصر بباريس من جذور مغاربية أو من الأقدام السوداء وأبناء المنضمين لمؤسسة الجيش وهم رواده مؤكدا أن مدرسة الرقص المعاصر في فرنسا تأسست على فنانين عاشوا في الفضاء المغاربي وهي جديرة بالدراسة عن أسباب وخلفيات هذا التوجه وعلاقته بالقيم والبيئة المغاربية التي دفعت بهم إلى الرقص المعاصر، وخلال المداخلة طرحت العديد من الأسئلة ضمنها كيف نميز بين الإستعجالية والأهمية في المدى القريب ؟ ويرى أنه لا يوجد أهمية بدون إستعجالية والعكس وبالتالي الإستعجالية تساهم في خلق منهجية راهنية تنزع للإختلاف وبالتالي الإستعجالية هي بمثابة منهجية صارمة. 

فيصل شيباني 

من نفس القسم الثقافي