الوطن

الرئاسة: تقرير الدستور النهائي سيكون نهاية أوت القادم

فيما سيكشف بوتفليقة عن المرحلة الثانية بعد الإطلاع على نتائج مشاورات أويحيى

 

114 شخصية أجرت المشاورات و30 أخرى قدمت مساهمة كتابية حول المشروع

أوضحت رئاسة الجمهورية، في بيان صدر عنها أمس، أنّ المشاورات التي أجراها وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى على مدار الأسابيع الماضية، قد عرفت مشاركة 114 شخصية وطنية وسياسية، جلست على طاولة الحوار مع هذا الأخير فيما قدمت 30 شخصية أخرى مساهماتها حول الدستور المقبل للجزائر، حيث لم يوضح البيان هوية هذه الشخصيات التي قدمت هذه المساهمات لكنها اكتفت بالإشارة إلى أنهم" مسؤولين سابقين"، "جامعيين وجمعيات مختلفة"، وأشار البيان في سياق متصل إلى كون التقرير النهائي حول مسودة الدستور التي قدمتها الطبقة السياسية وشركاء السلطة في التشاور ستكون جاهزة نهاية شهر أوت المقبل، حيث ستعرض هذه المسودة على رئيس الجمهورية ليقرر آليات المرحلة القادمة من هذا المشروع التي لا تزال مجهولة لحدّ الساعة، بالرغم من تأكيدات أمين عام جبهة التحرير الوطني عمار سعداني بأن الدستور سيمر عن طريق البرلمان وليس عن طرق الاستفتاء الشعبي الذي رافع له عدد من المشاركين في هذه المشاورات بما فيها المحسوبين على جناح السلطة.

وقال البيان الذي صدر بعد ختام المشاورات التي قادها وزير الدولة، المكلف أمام رئيس الجمهورية بإدارة المشاورات، أنّ هذا الأخير يكون قد عقد 114 لقاء وتلقى حوالي 30 إسهاما كتابيا في إطار المشاورات الواسعة التي قررها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قصد التوصل إلى مراجعة توافقية للدستور، حيث أشار إلى أنّ الخطوة التي يقوم بها ويزر الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى رفقة اللجنة التي تعمل معه، هو تلخيص واستغلال كل المساهمات المسجلة إلى نهاية أوت المقبل، وأكد البيان ذاته، على أنّه وتنفيذا لقرارات الرئيس بوتفليقة المعلن عنها خلال مجلس الوزراء المنعقد في 07 ماي الفارط، والمتعلقة بإجراء مشاورات واسعة قصد التوصل إلى مراجعة توافقية للدستو،  عقد أويحيى خلال الفترة الممتدة بين بين الفاتح جوان الماضي والثامن جويلية الجاري"114 لقاء مع شخصيات وطنية وأحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات، وكذا مع كفاءات جامعية"، كما "تلقى ديوان رئاسة الجمهورية حوالي ثلاثين إسهاما كتابيا ورد عن مسؤولين سابقين وعن جامعيين وجمعيات مختلفة".

وأفاد المصدر ذاته بأن "بعد الانتهاء من مرحلة اللقاءات، سيتكفل ديوان رئاسة الجمهورية، إلى غاية نهاية شهر أوت المقبل، بعملية التلخيص والاستغلال الوفي للمساهمات التي تلقاها من جميع المشاركين في الاستشارة حول مشروع تعديل الدستور"، ونوه البيان إلى أنه وعقب ذلك سيعرض الملف على رئيس الجمهورية الذي يقرر المراحل المقبلة عن عملية مراجعة الدستور.

وفي المجموع، يضيف نفس البيان، تمثل اللقاءات التي نظمتها رئاسة الجمهورية والإسهامات التي تلقتها"جانبا واسعا من المجتمع وهي تعكس إرادة رئيس الجمهورية في التوصل إلى أوسع توافق ممكن حول مشروع مراجعة الدستور"، فمن ضمن الشركاء الذين تم استقبالهم أو الذين قدموا إسهاما كتابيا،  هناك 50حزبا سياسيا ومجموعتين برلمانيتين مستقلتين، يمثلون من جهة 80 بالمائة من أعضاء البرلمان، ومن جهة أخرى 90 بالمائة من المنتخبين بالمجالس الشعبية البلدية والولائية.

أما فيما يتعلق بالشخصيات الوطنية فقد تم إحصاء ثمانية مسؤولين وشخصيات من ثورة الفاتح نوفمبر 1954، أربعة رؤساء حكومة وأعضاء بالمجلس الأعلى للدولة سابقين، رئيسا سابقا للمجلس الشعبي الوطني، رئيسين سابقين للمجلس الدستوري، أربعة وزراء سابقين، مسؤولين عن هيئتن استشاريتين، خمسة عشر رجل قانون تقلدوا مناصب مسؤولية في مجال القضاء ونقابة المحامين والمجلس الدستوري.

وبخصوص الجمعيات والمنظمات، أشار المصدر ذاته إلى أنّه يوجد أربع منظمات من العائلة الثورية،  إثنتى عشرة جمعية شبانية وطلابية، إحدى عشرة جمعية أرباب عمل، ومنظمتين عن العمال والفلاحين، وكذا جمعيتين نقابيتين عن الصحافة وأربع جمعيات عن سلك القضاء والمحاماة وحقوق الإنسان إلى جانب ثلاث جمعيات نسوية، شاركت في إثراء المسودة التي طرحت للنقاش، كما شارك في هذه المشاورات، من جانب الكفاءات الجامعية، ستة عشر أستاذا جامعيا، من بينهم أحد عشر أستاذا مختصا في  القانون الدستوري والقانون العام.

وكانت المحاور الكبرى للنقاشات المتعلقة بهذا المشروع، قد انصبت حول الاهتمام بالركائز التي تبنى عليها الدولة كتعزيز الفصل بين السلطات وتحديد العهدات الرئاسية وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين، وذلك بمشاركة عدة فاعلين بينما فضلت أحزاب أخرى عدم المشاركة في هذا المسعى، وإذ كانت رئاسة الجمهورية قد وجهت، للشركاء في الحوار، مقترحات على سبيل التنوير، فإن هذه المشاورات لم يتم تقييدها بأية حدود مسبقة بـ"استثناء تلك المتعلقة بالثوابت الوطنية وكذا بقيم المجتمع الجزائري ومبادئه".

وقد تم فتح ورشة تعديل الدستور من زاوية التوصل إلى إجماع ولم شمل كل الجزائريين حيث شملت دعوات المشاركة الشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية المعتمدة والمنظمات الوطنية والجمعيات الوطنية الممثلة لحقوق الإنسان والقضاة والمحامين والصحفيين والقطاع الاقتصادي والشباب والطلبة وكذا أساتذة جامعيين تمت دعوتهم بالنظر إلى "كفاءاتهم"، ومن هذا المنطلق لاحظ أويحيى إمكانية "تحقيق الإجماع" حول تعديل الدستور خاصة وأن"المعارضة تطالب بالتغيير ورئيس الجمهورية قد أعلن عن نفس الهدف بعد أدائه اليمين الدستورية".

وأثبتت اللقاءات التي استضفتها رئاسة الجمهورية التقاء وجهات نظر واهتمامات كل الأطراف التي عبرت عن رأيها وقدمت مقترحاتها والتي انصبت أساسا، كما تنادي به أيضا حتى المعارضة المقاطعة للمشاورات، على "تعزيز الممارسة الديمقراطية كالفصل مابين السلطات وتعزيز رقابة ومكانة البرلمان وتقوية استقلالية القضاء"، وتمسك العدد الكبير من الشركاء الذين تنقلوا إلى رئاسة الجمهورية على أن يؤول مشروع تعديل الدستور إلى "نتيجة توافقية" وهو ما يتضح أكثر من خلال ما أكده أويحيى في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا للحديث عن نتائج المشاورات، حيث صرح بأن "الوضع اليوم يشجع الجميع سلطة ومعارضة ومواطنين وأيضا دعاة المقاطعة للعمل معا لبناء الجزائر"، واستند المتحدث في هذا الشأن على كون اللقاءات التي أدارها حول مشروع تعديل الدستور "تمت في احترام كبير وجو إيجابي" وذلك في جو من الحوار والتشاور اللذين يعتبران عملا حضاريا.

وأظهرت المشاورات تباين في الآراء لا سيما فيما يتعلق بنوعية النظام الذي يجب إرساؤه في البلاد، فإذا كان البعض قد رافع من أجل نمط حكم شبه رئاسي فقد فضل البعض الآخر النظام البرلماني، ويستند دعاة النظام البرلماني على أن هذه الصيغة "تعيد السلطة إلى الشعب" وتعزز ضمان حقوق المعارضة في البرلمان وفي إخطار المجلس الدستوري وفي وضع جدول للأعمال في جلسة على الأقل في دورة البرلمان لمناقشة عامة لأعمال الحكومة، ويؤسس أنصار النظام شبه رئاسي طلبهم على كون أن هذه الصيغة تسمح بـ"تكليف وزير أول ينتمي إلى التشكيلات السياسية التي تحظى بالأغلبية في غرفتي البرلمان برئاسة الحكومة"، كما تم التطرق أيضا إلى تقليص عدد العهدات الرئاسية إلى عهدتين اثنتين بالنسبة لكل رئيس ولاستقلالية المجلس الدستوري وكذا "تحديد العلاقة القائمة بين الحكومة ورئيس الجمهورية" لجعل هذا الأخير كما قال يتولى "صفة الحاكم في شؤون البلاد والمدافع عن الحقوق دون أن يتدخل في الشؤون اليومية"، إضافة إلى "دسترة التداول الديمقراطي على الحكم" و"منع التجوال السياسي بالنسبة للبرلمانيين وترقية حقوق الإنسان".

وكانت المشاورات من جهة أخرى فضاء لبعض الفاعلين السياسيين للتعبير عن رأيهم في الوضع الراهن للبلاد, على ضوء جبهة القوى الاشتراكية التي قال أمينها الأول، أحمد بطاطاش، أن اللقاء مع أويحيى كان"من أجل شرح مسعانا المتمثل في إعادة بناء إجماع سياسي وطني من شأنه أن يخرج البلاد من الأزمة ويفتح الآفاق للجزائريات والجزائريين"، ودعت أطراف مشاركة في هذه المشاورات التي حضرها عدة فاعلين على الساحة السياسية والجمعوية والقانونية، إلى ضرورة تمرير مشروع مقترحات تعديل الدستور على الاستفتاء وعدم الاكتفاء برأي البرلمان الحالي فيه.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن