محلي

تحذيرات من ارتفاع "ضحايا" التسممات الغذائية خلال الصيف

بسبب التراجع عن تطبيق البرتوكولات الصحية التي ساهمت في تقليل الظاهرة السنتين الماضيتين

تعتبر التسممات الغذائية من أكثر مشكلات الصحة العمومية تعقيدا خلال فصل الصيف بسبب عوامل عديدة ترتبط بأكثر من قطاع، ما يجعل هذه القطاعات المعنية في مقدمتها وزارة الصحة ووزارة التجارة وحتي وزارة الداخلية مطالبة منذ الان ببدء اتخاذ الإجراءات وضبط استراتيجية وقائية من التسممات خلال فصل الصيف، خاصة وان هذا الموسم يعتبر اول موسم منذ ثلاثة سنوات دون قيود كورونا ولا البرتوكولات الصحية الصارمة ما يهدد بارتفاع متوقع لـ"ضحايا" التسممات الغذائية هذه الصائفة.

ويعود مع حلول كل موسم صيف هاجس التسممات الغذائية للواجهة هذه الأخيرة تحولت لوباء وتعتبر الولائم والأعراس والأحياء الجامعية والمطاعم المدرسية والشواطئ في فصل الصيف، أهم الأماكن والمناسبات التي تتعرض فيها صحة المواطن للخطر بسبب التسممات،  في حين تسجل ذروة التسمّمات الغذائية الجماعية في الجزائر خلال الثلاثي "جوان - جويلية- أوت"  حيث تعرف المستشفيات ومراكز الصحة خلال هذه الأشهر ما أشبه بحالة طوارئ عبر العديد من ولايات الوطن في حين تتحدث أرقام وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عن تسجيل ما معدل 80 ألف حالة تسمم غذائي في السنة إلا أن هذا الرقم يبقى بعيدا كليا عن الرقم الحقيقي لأن أغلب الحالات لا تصل إلى المستشفيات بينما تؤكد ذات الأرقام أن 60 بالمائة من التسمم الغذائي تحدث عادة في الولائم الجماعية ومطاعم الإقامات الجامعية وقاعات الحفلات.

 وزارة التجارة تعتمد هذه الخطة

 ومع اقتراب موسم الإصطياف رفعت وزارة التجارة من درجة التأهب في ممارستها لرقابة النوعية والجودة وتنظيم الأسواق خلال  هذه الفترة وذلك بالرفع من تعداد مراقبيها وتكثيف دورياتها التابعين في هيكلهم إلى المديريات الولائية للتجارة، وحذر مصدر من وزارة التجارة في تصريح سابق لـ"الرائد" المخالفين فيما يتعلق بشروط النظافة واحترام سلسة التبريد أن العقوبات قد تصل إلى قرارات بغلق المحلات التجارية وأحيانا المتابعات القضائية، وستقوم فرق المراقبة وقمع الغش التابعة لوزارة التجارة بدوريات تفتيش متواصلة للمحلات التجارية على المستوى الوطني، خلال هذه الصائفة حسب ذات المصدر ضمن  خطة تم وضعها  لمحاربة التسممات الغذائية مع التركيز على الرقابة والتحسيس، من خلال تدخل فرق الرقابة وقمع الغش بهدف مراقبة جميع المنتجات والخدمات الحساسة ذات الاستهلاك الواسع لا سيما اللحوم ومشتقاتها والحلويات والمرطبات والمشروبات بشتى أنواعها والحليب ومشتقاته.  كما سيتم التركيز على الخدمات والسلع الاستهلاكية على مستوى مطاعم الأكل الخفيف والمقاهي والفنادق، بالإضافة إلى الرقابة المشددة على مستوى المصدر أي على مستوى وحدات الإنتاج وتصنيع المنتجات الغذائية، حيث يتم التركيز على مراقبة احترام سلسلة التبريد شروط ومقاييس الرقابة الذاتية، كما يتم التركيز على عمليات المراقبة على مستوى المنافذ الحدودية المختلفة من نقاط برية وموانئ ومطارات، لكل المنتجات الغذائية أو التي تدخل في صناعة منتجات غذائية، كما يتم مراقبة سلسلة التوزيع بدءا من الموزعين بالجملة وصولا إلى نقاط البيع بالتجزئة.

 خياطي: "التسمم" قد يكون قاتلا وتقليل ضحاياه مسؤولية الجميع

 من جهته يؤكد البروفيسور مصطفي خياطي ان التسممات الغذائية تعتبر من أكثر مشكلات الصحة العمومية خطورة خلال فصل الصيف فخطورة التسمم ليست لها أعراض بسيطة كما يعتقد البعض بل يمكن للتسمم ان يوصل للوفاة كما حدث في التسمم الذي ضرب ولاية سطيف في سنة 1998 والذي خلف وفاة أزيد من 40 شخص ، وأكد خياطي أن أهم أسباب التسممات هو العادات الغذائية الخاطئة واستهلاك ما هو غير صحي وغير مراقب خارج المنزل بدليل ان السنة الماضية عرفنا انخفاضا كبيا في معدل التسممات الغذائية كون اغلب ولايات الوطن كانت تخضع لحجر صحي. وحمل خياطي الجميع مسؤولية التسمّمات الغذائية فهي مشتركة كما قال بين السلطات والتجار والمصنعين والمستهلكين على حد سواء مؤكدا أنه ليس بوسع أي مؤسسة صحية مهما كانت طاقتها التكفل بالأعداد الكبيرة للمصابين بالتسمم في وقت واحد الذين يعدون بالمئات لذا يجب الحذر لتجنبها. من جانب اخر قال خياطي ان الجزائر تسجا عادة كل سنة ما يناهز 10 آلاف حالة تسمم غذائي جماعي غير أن الحالات الحقيقية أكبر بكثير من هذا وهي أضعاف مضاعفة لا يصرح بها أمام المؤسسات الاستشفائية، وهو ما يتطلب الحذر واليقظة. معتبرا أنّ 10 آلاف حالة تسمم يبقى رقما كبيرا يخفي آلاف الحالات الأخرى غير المصرح بها بسبب التداوي الذاتي والاستهانة بها وعدم التنقل إلى المستشفى لعلاجها في حينها، في حين توقع خياطي ان ترتفع حالات التسمم الغذائي هذه الصائفة مقارنة بما سجل خلال السنتين أو الثلاث سنوات الأخيرة التي شهدنا فيها الازمة الصحية حيث أضاف ذات المتحدث انه خلال هذه الفترة كانت تطبق برتوكولات صحية صارمة ساعدت بشكل واضح في تقليل أسباب التسممات الغذائية لكن هذه الصائفة التي ستكون دون قيود كورونا فان هذه الأسباب قد تكون موجودة وبشدة اكبر وهو ما يستدعي تجند من المنظومة الصحية وحذر لدى المواطن.

 مرابط:  هذه الفئات هي الأكثر عرضة للتسمم صيفا

 من جهته قال رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية الدكتور الياس مرابط إن التسمم الغذائي موجود في كل دول العالم وليس حكرا على الجزائر غير أن ما تفتقده الجزائر هو كيفية التكفل بالمرض ولذا يهدف المختصون والوصاية إلى التوعية والتحسيس بنوعية الأغذية المستهلكة وكمية البكتيريا الموجودة في الأغذية المسببة للتسمم. وأشار مرابط إلى أن التسمم الغذائي ليس ناتجا عن الأغذية فقط بل حتى من المواد الكيميائية وهو أكثر خطورة لأننا لا ندري كيف يتفاعل معه جسمنا، مركزا على أهمية احترام سلسلة التبريد من التصنيع إلى آخر حلقة في الاستهلاك حيث قال  أنها غير محترمة لدى التاجر والمستهلك على حد سواء، داعيا إلى ضرورة الاحتفاظ بالوجبة الشاهد في مختلف الولائم والأعراس لمدة 5 أيام على الأقل للاعتماد عليها في حال التسمم الجماعي. وبخصوص أعراض الإصابة بتسمم غذائي، يقول ذات المتحدث، "الكثير من الحالات تتسبب في الإصابة بالغثيان وأوجاع على مستوى الأمعاء بالإضافة إلى اضطراب في الجهاز الهضمي وارتفاع درجة الحرارة، والأطفال هم الأكثر عرضة لهذه التسممات" . كما شدد مرابط على ضرورة تجنب تناول الوجبات في مطاعم الأكل الخفيف وحضور الأعراس في الأماكن التي تحرص على توفير شروط الصحة اللازمة فقط.

 حريز: تجار دون ضمائر يتورطون في "تسميم" الجزائريين

 من جانبه قال رئيس فدرالية حماية المستهلك زكي حريز أن موسم الصيف عادة  يشهد ارتفاعا كبيرا في حالات التسممات الغذائية، مرجعا هذا الارتفاع إلى نقص سلسلة التبريد في ظل ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى كثرة حفلات الأعراس التي يحضرها الجزائريون والإقبال على الأغذية التي تحتوي على مواد سريعة التلف كالمثلجات المصنعة بالحليب والبيض، بالإضافة إلى كثرة استهلاك المشروبات التي لا تخضع في تحضيرها إلى معايير الصحة والنظافة و حفلات الأعراس ومطاعم الأكل السريع التي لا تحترم شروط النظافة، بالإضافة إلى الممارسات الشنيعة التي يقوم بها التجار لخداع صحة المستهلك من خلال توقيف مبردات المحلات ليلا، يضيف حريز ، هي الأخرى أسباب رئيسية للتعرض للتسممات الغذائية. وأشار حريز إن ظاهرة التسممات الغذائية بدأت تأخذ أبعادا أكبر مما كانت عليها سابقا، حيث أكد أن أغلبية هذه التسممات كانت جراء حضور حفلات الأعراس،  كما أشار حريز إلى عامل اخر بات يتسبب السنوات الأخيرة في حالات التسمم وهو تغير النمط الغذائي لدى الأفراد، كظهور مواد غذائية كالمايونيز والتي يزيد الإقبال عليها في فصل الصيف، بالإضافة إلى بعض الممارسات غير الصحية التي يقوم بها أصحاب المحلات والمطاعم كفرم اللحوم المجمدة وغيرها من الممارسات الشنيعة التي تؤدي في بعض الأحيان إلى زهق الأرواح. كما حذر ذات المتحدث من اقتناء المواد الغذائية سريعة التلف، مؤكدا على ضرورة تفحص هذه المواد التي لا يجب أن يراعي فيها المستهلك تاريخ الصلاحية فقط.

من نفس القسم محلي