الثقافي
"أسطوريات" رولان بارت.. للحاضر أيضاً ميثولوجياته
صدرت مؤخراً عن "منشورات الجمل" مؤخرا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 جوان 2018
أنجز المترجم التونسي توفيق قريرة ترجمةً جديدة لكتاب "أسطوريات.. أو أساطير الحياة اليومية" للسيميولوجي الفرنسي رولان بارت (1915-1980)، صدرت مؤخراً عن "منشورات الجمل" (مارس 2018).
في وقت غير بعيد، كان نشر أو إعادة نشر كتاب من تأليف بارت حدثاً في معظم الثقافات التي وصلها، وليست العربية استثناء، فقد تميّز بارت بفرادة أفكاره واختيارات حسنة لعناوينه ومواضيعه، أعمال مثل "المغامرة السيميولوجية"، و"شذرات في خطاب محب"، و"رولان بارت بقلم رولان بارت"، و"الدرجة الصفر من الكتابة".
وكتاب "أسطوريات" أحد هذه المؤلفات. العمل الذي صدر أوّل مرة في 1957 كان من وراء تأليفه فكرة، ألا وهي التنظير إلى تفاصيل الحياة اليومية باعتبارها الأساطير المعاصرة للثقافة الإنسانية. يكتب بارت في المقدمة موضحاً فكرة كتابه: "كُتبت النصوص اللاحقة بمعدل نص كل شهر لمدة سنتين تقريباً، وذلك بحسب ما كان يجدّ من أحداث. كنت أحاول في ذلك الوقت التفكير في بعض أساطير الحياة اليومية الفرنسية، وقد أمكن لمواد هذا التفكير أن تكون متنوعة جداً".تتنوّع الأساطير التي يتناولها بارت، وينطلق من عروض المصارعة الحرة التي بدأت تشغل وقتاً كبيراً من حياة الشباب. يحاول المؤلف أن يفكك العناصر التي تقوم عليها هذه العروض، مستعملاً بذلك المصطلحات والمقارنات بينها وبين العرض المسرحي.
هذه المقارنة تكشف عن دور المبالغة، حيث يبيّن كيفية المغالاة في رسم مشهد النصر أو الهزيمة، أو التعبير عن الفرح والألم. وتعتبر أن هذه الأحداث في حلبات المصارعة الحرة، تسعى إلى تقديم ما يشبه العرض المسرحي، الذي يحقق أهدافه بالتفاعل بين المصارع والجمهور، وقد يحصل التماهي بين المتألم وبين المتفرج، وبالتالي عيش تفاعل عاطفي وجداني يراه بارت أساساً في نشأة الفن المسرحي، وخصوصاً عند دراسة الخواص العاطفية لعروض التراجيديا الإغريقية في بدايات الفن الأثيني.
لا يخلو كتاب المفكر الفرنسي من التأمل والتنظير لموضوعة الكتابة والكاتب. وهنا يشرع بارت بالتنظير حول مهنة الكاتب من خلال التحدث عن "العُطل"، فيوضّح أولاً نشوء فكرة العطل بأنها "حدث اجتماعي حديث العهد، فقد كانت العطل في البداية حدثاً مدرسياً، ثم أصبحت منذ ظهور العطل المدفوعة الأجر، حدثاً بروليتارياً".
ورداً على ما قامت به مجلة "هي" الفرنسية، التي حشدت سبعين امرأة روائية في صورة واحدة، وكتبت تحت كل منها تعريفاً بالروائية على الشكل التالي: جاكلين لونوار (ابنتان، ورواية واحدة)، مارينا غراي (ابن واحد، ورواية واحدة)، نيكول دوتراي (ابنان وأربع روايات)، كتب بارت بأن المجلة قدمت المرأة الأديبة وكأنها تمثل "نوعاً حيوانياً لافتاً" لأنها تلد فتنجب الروايات كما تنجب الإطفال.